تواصل وانفتاح

TT

تواصل أجهزة وكيانات المجتمع مع بعضها البعض من شأنه أن يولد عملا جماعيا فاعلا كفيلا بإحداث نقلة جادة وحقيقية، فيه نفع للكثيرين. ولعل إحدى أهم قنوات التواصل «القديمة» هي تلك اللقاءات التي تتم في الغرف التجارية بالسعودية مع مختلف المسؤولين الرسميين. فليس غريبا ان تستضيف تلك الغرف وزير الثروة السمكية في سريلانكا أو وزير المواصلات الاثيوبي أو وزير الصناعة الفرنسي أو رئيس هيئة الاستثمار المصري.. وهكذا.

وطبعا هناك أمثلة أخرى عن تواصل الغرف مع مسؤولين من بلادهم أيضا، سواء أكانوا وزراء حقائب اقتصادية كالتجارة والصناعة والعمل أم وزارات خدمية كالصحة والنقل، بل إنه لمن المعتاد أن يحل وزير الداخلية ووزير الدفاع ضيفين ايضا ويتواصلا مع الحضور عبر سلسلة من الاجابات المهمة على اسئلة متنوعة تكون بمثابة تهيئة مناخ ورأي عام واستقراء جيد له، استعدادا لاطلاق بعض القرارات المؤثرة.

وبات هذا النهج التواصلي يترقبه الكثيرون ويحرصون بطبيعة الحال على استمراره ويستفيدون من نتاجه، ولكن يبقى «الغياب» المحير للملف الأهم، والمقصود هنا تحديدا عدم تواصل جهازي وزارة العدل والقضاء مع الغرف التجارية بالذات والمجتمع عموما.

فقطاع الاعمال ورجاله ونساؤه يواجهون، وهذا ليس بسر، تحديات وعقبات ومشاكل هائلة مع الانظمة والمحاكم وأدائها، ومن جهة أخرى هم بحاجة لجلسات من المكاشفات الصريحة مع المسؤولين في العدل والقضاء لمعرفة كيف والى أين تسير الأمور، وخصوصا في ظل الاعلان الجديد عن التعديل الهيكلي الذي طال انتظاره في الجهاز القضائي لمدة ليست بالقصيرة، ولكن استمرار العزوف عن هذا النوع من التواصل المنشود يولد فكرا: أن هناك وزارة «عادية» ووزارات «غير عادية»، وبالتالي لا ينطبق ولا يسري عليها نفس الاوضاع والظروف التي تسري على الوزارات الأخرى.

والمنافع التي من الممكن الحصول عليها نتاج هكذا تواصل وهكذا تجربة كبيرة وغير عادية، هي في المقام الأول ستذيب «جبال الجليد» الموجودة بين الجهازين العدلي والقضائي وبين المجتمع الاقتصادي وتفتح قنوات حوار مباشرة لبحث العديد من المسائل بشكل صريح من دون اللجوء الى الطلاسم والرموز عبر وسطاء أو مقالات صحافية لا يسمح بنشر نصفها وتنمق كلمات النصف الآخر منها. وقد يساهم كذلك في ازالة الغموض والضبابية الموجودة في التعامل مع الجهازين بشكل غير مسبوق.

ملف القضاء والعدل هو الأهم بالنسبة لمناخ الاستثمار في السعودية. وفتح الحوارات المباشرة كما يحدث في سائر القطاعات سوف يعود بالخير على الكيان الاداري الرسمي وعلى المتعاملين اقتصاديا. وتبقى القناعة بممارسة ذلك هو العقبة الحقيقية، إذ أن بدونها سيبقى هكذا طرح مجرد كلمات.

[email protected]