حالة سريالية لبنانية..!

TT

المشهد الانتخابي اللبناني يمثل نوعاً من العبث السياسي غير المسبوق. تحالفات انتخابية سريالية ولا معقولة يلتقي فيها أعداء الأمس وتتوحد فيها التناقضات بشكل مسرحي مثير للضحك..!

من أجل عيون الكرسي البرلماني يتم تحالف واسع، بين من قتلوا بعضهم بعضاً وكأن شيئاً لم يكن. يتحول القتلة إلى مناضلين من أجل الحرية، وزعماء المليشيات المتورطون بدماء الناس يتحالفون مع ضحاياهم..! والذين رفعوا راية المعارضة وإخراج السوريين، يرفعون صورهم ضاحكين مبتسمين مع حلفاء دمشق التقليديين..! والذين عاشوا خارج لبنان احتجاجاً، عادوا للتحالف مع من اعتبروهم عملاء للخارج..!

هل هي مصالحة وطنية شاملة؟

هل هي فكرة الغفران والتسامح ونسيان الماضي، هل هي مرحلة جديدة من خلط الأوراق الذي لا يمكن تفسيره؟

لا اعتقد.

إنها حالة عبثية تدل على مدى تردي العمل السياسي، ومدى غياب الموقف المبدئي. صحيح أنه ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم في السياسة، فإن ما يحدث في لبنان هو أمر أكبر من ذلك بكثير! فلقد أصبح حلفاء إسرائيل والذين قاتلوا معها أو بمعيتها حلفاء للمقاومة. والمتورطون في قتل الآباء حلفاء للأبناء، والذين كانوا دكانا لسوريا متخالفين مع من اعتبروا سوريا العدو اللـدود! هل هو الفساد السياسي الذي نخر المؤسسات الطائفية التي تحمـل شعارات الإصلاح والوحدة الوطنية!؟

هناك ظاهرة لبنانية ربما تفسر الحالة. فأحد الوزراء يهدد زميلا سابقا له بكشف كل الأوراق إذا لم يتوقف هذا الزميل عن مهاجمته، ويقول إنه لو تكلم فسيكشف المستور، وسيعري زميله، ورئيس الجمهورية نفسه يقول قبل أيام إنه سيضطر «إلى كشف الحقائق».

والسؤال الذي يطرح نفسه لا يتعلق بكشف الخصوم، بل بالاتهام الصامت وإخفاء معلومات خطيرة تتعلق بالشأن العام وتحديداً بالفساد، ويطرح سؤالاً آخر; هل هناك حالة فساد شاملة، وحالة صمت شاملة في النخبة السياسية اللبنانية..!

نعرف أن هناك رجال مبادئ وشرفاء ومكافحين من أجل الحرية في لبنان، لكن الخوف هو أن يصبح هؤلاء عملة نادرة في ظل كل هذه الحالة العبثية!