ملفات وحوارات

TT

تتميز صحيفة «الشرق الأوسط» بإجراء حوارات صحافية مهمة، تحقق من خلالها سبقا صحافيا في أحيان كثيرة، وتثري القارئ في عدة مجالات سياسية كانت أو حتى فنية. لكن الطريقة التي تنشر بها تلك الحوارات تظهر أنه ليس لدى الصحيفة أسلوب، أو ما يعرف بـ«ستايل» واضح في التعامل مع الحوارات، من ناحية عدد الكلمات، عند النشر، أو طريقة طرح الأسئلة لدى إجراء الحوار، ومتابعة السؤال بسؤال آخر، أو حتى خدمة الحوار، وهذا ما سنأتي عليه بالتفصيل.

أحيانا يظهر الحوار مطولا بشكل مبالغ فيه، من ناحية عدد الكلمات، وتضطر الصحيفة إلى استخدام خط صغير مزعج للعين، وبالتالي يتأثر حتى إخراج الصفحة وطريقة عرض الصور. ويتكرر هذا الأمر خصوصا في حال الإطالة، وحدث في حوار الصحيفة العميق والممتع مع رئيس شركة «أرامكو» السعودية.

ونتيجة ارتفاع عدد الكلمات أحيانا، تقع الصحيفة في أخطاء غير مبررة، مثل الحوار الأخير الذي أجري من المغرب مع زوجة المغربي كريم المجاطي، فقد تكررت المقدمة الخاصة بالحوار مرتين، ولم يتم تصويب هذا الخطأ في تصويبات الصحيفة في اليوم التالي.

وفي حالات أخرى نجد حوارا يوضع عليه «لوغو» حوار، بينما لا يتجاوز عدد الكلمات 300 كلمة. وهذا ما حدث في حوار أجرته الصحيفة مع غسان تويني. وهنا تتضح مسألة غياب أسلوب واضح ومحدد يحكم الصحيفة.

أيضا، في مسألة الأسلوب، نجد في بعض الحوارات التي تنشر، مثل ما حدث في صفحات الإعلام أخيرا، أن بعض أسئلة المحاور تكون أطول من إجابة الضيف. وتغيب المتابعة لأسئلة الضيف أو ما يسمى بـ«الفُلو أب». فهناك بعض التفاصيل الصحافية أو الإعلامية التي تخفى على القارئ غير المتخصص، وبالتالي فمهمة الصحافي هي الإيضاح.

نقطة أخيرة، وهي خدمة الحوار، فمن المهم أن تعمد الصحيفة إلى نشر سيرة ذاتية مختصرة للضيف في نفس الحوار، ولا تحتاج أن تكون كلمات كثيرة، بل فقط في نقاط. فأخطر شيء هو أن نفترض في القارئ معرفة كل شيء. والأخطر أن نستهين بمقدار معرفة القارئ. وهنا تبرز المعادلة الصعبة.

رد إدارة التحرير على كل ذلك اتسم بقبول هذه الانتقادات، بل ذكرت إدارة التحرير أن هذه القضية تمت مناقشتها في اجتماع للتحرير بشكل موسع، وأن هناك أسلوبا سيتم اتباعه لضمان تلافي تلك التناقضات وتحديد أسلوب واضح ومحدد. كما كشفت إدارة التحرير عن معالجتها لخلل كان موجودا في اختصار بعض الحوارات ونشر الجزء الباقي منها على الانترنت، حيث تم وضع تنظيم خاص لمثل هذه الحالات.

ومن القضايا الأخرى التي تحسب للصحيفة ملف «عين على إيران». الطريقة التي تم فيها اختيار الموضوعات، والصور، كانت متميزة وتحسب للصحيفة حيث تعرفنا على تفاصيل لا تتوفر للقارئ المتابع، أو المتخصص، في قضايا إيران، في جل وسائل الإعلام العربية التي إن وجدت فيها تغطية لأحداث إيران، فهي شحيحة ومتفرقة.

وهذا يحسب للصحيفة، لكن عليها مواصلة فتح مثل هذه الملفات التي تعمق المعرفة، وتفتح آفاقا أكبر للمتخصصين من قراء اللغة العربية، كما أنها تضفي بعدا آخر على موقع «الشرق الأوسط» باللغة الإنجليزية في حال تمت ترجمة هذه الملفات إليها.