مجلس واقتصاد

TT

أصابت الصدمة والدهشة أعدادا كبيرة من الناس في السعودية حين أفاقوا ذات يوم وقرأوا في الاخبار أن شركة «اتصالات» الاماراتية قد ربحت مزايدة رخصة الهاتف الجوال الثانية بعد صراع محموم مع فطاحل وجهابذة الصناعة من شتى أنحاء العالم. ولقد كانت من ضمن من تقدموا للرخصة شركة «بتلكو» للاتصالات من البحرين ضمن تكتل سعودي وكذلك تقدمت شركة «اوراسكوم تليكوم» المصرية من ضمن تكتل آخر.

والمعروف أن شركة «اوراسكوم تليكوم» لها حضورها في تشغيل الهاتف الجوال في مصر والعراق والاردن وغرب أفريقيا وباكستان، وهناك حضور لشركة الاتصالات المتحركة الكويتية في الكويت والعراق والبحرين ولبنان.

هذا النوع من التوسع القوي لشركات الاتصالات العربية لم نر مثله مع شركة الاتصالات السعودية، ولم نر مثله مع الكثير من الشركات السعودية الكبرى واستعدادها وقيامها فعلا في الدخول في معمعة الفرص الاستثمارية من النوع الذي فيه قيمة مضافة للاسم كعلامة تجارية ولسوق جديد يضاف على قائمة العملاء الواسعة أساسا.

كل تلك الاشارات تؤذن ببدء عصر جديد من الاقتصاد في المنطقة العربية، اقتصاد يفرز لاعبين جدداً غير تقليديين وسط قواعد جديدة للعبة نفسها!. هل هذا هو نتاج مباشر لافرازات العولمة وتوابعها ؟ قد يكون ذلك صحيحا، ولكن ايضا نتاج حالة ذهنية مغايرة تنتاب الشركات والدول لتتعامل بصورة مختلفة مع تحديات يقدمها عالم متغير وواقع جديد.

أهم ابحاث الاستنساخ والخلايا الجذعية لا تجري في عواصم الغرب الصناعي ولكن في مدينتي سيول وشنغهاي. أهم جامعات العالم اليوم بحسب التصنيفات الجديدة تنبثق في الهند وروسيا والصين مقدمة رؤية تقنية جديدة ومغايرة.

وها هي صفقة طائرات الخطوط العربية السعودية الأخيرة تفوز بها شركة برازيلية لتبين أيضا أن الوضع في صناعة محتكرة كصناعة الطيران باتت فيه اختيارات من عالم جديد. وبعد فترة ليست ببسيطة من تداول مصطلحات كالعولمة والاقتصاد الجديد والاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة في المجالس والصحف السعودية تظهر أخيرا بادرة أمل مهمة في سماء السعودية وذلك بتكوين مجلس منبثق من الهيئة العامة للاستثمار معني بقطاع الاقتصادات القائمة على المعرفة.

وهذا المجلس سيكون برئاسة أحد «جهابذة» هذا المجال في البلاد الدكتور سلطان باهبري، وهو رجل عادة ما يتهم باحلام ومشاريع من الخيال ولكن الحقيقة أنه رجل عملي وعلمي يطبق معايير مهنية يراها الكثيرون مع الأسف خيالا.

مهمة مواجهة فرصة الاقتصاد المعرفي الجديد، على أنه فرصة وامكانية ليست بمستحيلة ولكن ليست أبدا بسيطة. وإذا ما حصلت القناعة وتم التعامل مع الاقتصاد الرقمي المعرفي على أنه نافذة على المستقبل وفرصة جادة لذلك سيتحقق النجاح.

[email protected]