.. بعدها، المعارضين

TT

من بين 191 دولة في منظمة كوفي أنان هناك 50 دولة افريقية. وبرغم الجفاف في بعضها فإنها بين أغنى دول العالم: ذهب، ماس، نحاس، نفط، بلاتين وكل خيرات الأرض من الثمار والخضار والخشب. لكن مع مرور 50 عاما على الاستقلال هذا العام، لا تزال القارة تواجه أسوأ أمراض الأرض وأسوأ أنواع الفقر وأسوأ أنواع الجهل. وقد كان الاستعمار في أفريقيا هو الأسوأ في العالم، وخسرت الكونغو في ظل ليوبولد ملك بلجيكا 10 ملايين إنسان. لكن القارة في ظل الاستقلال خسرت أكثر بكثير في الحروب القبلية ونهب الأموال وانتشار الأوبئة وخصوصا الإيدز، الذي يقول رئيس جنوب أفريقيا ثابو مبيكي انه اختراع أبيض لمنع الأفريقي من التمتع بحياته الجنسية التي يحبها. في حين أن رئيسا عربيا كان قد قال إن الإيدز اختراع أميركي لإبادة أهل أفريقيا.

وحّد الرجل الأبيض نحو 190 ثقافة وانتماء في مجموعة من الدول على غرار الدول الأوروبية. وقسّم البعض الآخر، مثل الأمة الصومالية إلى 5 مقاطعات. وأدت «الهويات القاتلة» كما يصفها أمين معلوف، إلى حروب طاحنة في السودان وزائير وأنغولا ونيجيريا والتشاد وإثيوبيا وغيرها. وأدت عملية تصفية الاستعمار في الخمسينات بسرعة إلى وصول طبقة وطنية وقومية غير متعلمة: من السجن إلى الحكم. ويقول كتاب جديد بعنوان: «تاريخ 50 عاما من الاستقلال» لمارتن ميريديف، إنه في أواخر الخمسينات كان عدد سكان أفريقيا 200 مليون نسمة بينهم 8 آلاف فقط دخلوا المدارس الثانوية. ومع ذلك فإن الفرحة بالاستقلال كانت تتخطى كل شيء. وقال الزعيم الكونغولي باتريس لومومبا للملك بودان: «لم نعد سعادينكم بعد اليوم». وذهب الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون للمشاركة في احتفالات الاستقلال في غانا. وفي ذروة الاحتفال ربت على كتف احد الحاضرين قائلا: «ما هو شعورك الآن وقد أصبحت حرا». والتفت إليه الرجل قائلا: «أي شعور؟ أنا من ولاية الاباما». وورث الغانيون بزعامة «المنقذ» كوامي نكروما إحدى أفضل الإدارات الحكومية وبرلمانا ودولة غنية. وبعد سنوات تحولت إلى ديكتاتورية استبدادية فقيرة ورئيس ينام على فراش من ذهب مثل العرش الذي سيبنيه بعد ذلك جان بيدل بوكاسا في جمهورية أفريقيا الوسطى على غرار تتويج نابوليون. وفي كينيا ونيجيريا سرق دانيال أراب موي وساني أباشا حتى موازنة المستشفيات. وكان جوزف موبوتو يستأجر «الكونكورد» لرحلاته الخاصة. وقد أطلق على نفسه لقب «المحارب الذي لا يقهر، الديك الذي لا تسلم منه دجاجة».

وقطّع فرنسيس ماسياس نغويما مدير مصلحة الإحصاءات عنده «من أجل مساعدته في تعلم العدّ» ثم حول غينيا الاستوائية إلى مقبرة جماعية. وعمد مانغيستو هايلا مريام إلى تجويع مواطنيه للسيطرة عليهم على غرار ستالين. ومات في مجاعته أكثر من مليون إنسان. وعمد روبرت موغابي في زيمبابوي إلى الأسلوب نفسه. وشرح مندوبه في مقاطعة ماتابيلاند سياسته الغذائية للناس كالتالي: «أولا تأكلون دجاجكم. ثم ماعزكم. ثم أبقاركم. ثم حميركم. ثم أطفالكم. وبعد ذلك تأكلون المعارضين».