صلعة وشعرة

TT

أرجو أن يعذرني القرّاء عن إثارة موضوع الصلع مرة تلو المرة في مقالاتي، والسبب واضح وهو الغبن، فرغم كل صلعتي البهية الممتدة من جبهتي إلى مؤخرة رقبتي، فلم ينتخبني أحد زعيماً لفيلق الصلعان، ولم يبق لي غير أن آجلس أمام المرآة وأتأمل في صلعتي. لاحظت فيها شيئاً سأحاول أن أطرحه على علماء البيولوجيا، إنها صلعة ناضجة وكاملة، لكن توجد في وسطها شعرة واحدة سوداء كثيفة، مهما أقطعها وآجتثها حرصاً على حرمة الصلع، تعود وتنبت ثانية، وهذا ما أريد من العلماء أن يتولوا دراسته، فلعل في اكتشاف سر هذه الشعرة الواحدة، نجد أسرار الشعر، كيف يموت وكيف يبقى؟ ما الذي فعلته برأسي بحيث بقيت شعرة واحدة؟ ماذا عملت بجذرها لتصبح شعرة خالدة؟ هل سقطت عليه قطرة ليمون؟ أم قطرة نفط؟ أم نتفة اسبرين؟ أم باسته جدتي، أم عضته أختي سلوى؟، لا بد من سبب لبقاء هذه الشعرة، وهي شعرة ماكرة.

انها شعرة خالدة، لكن هل سيستمر خلودها حتى بعد مماتي وانقطاع أنفاسي فيذوي كل شيء في، لكن هذه الشعرة تظل تنمو وتمتد حتى تخرج من القبر وتصبح شجرة يانعة، أو تغرس في التراب وتخرج من الجهة المقابلة من الكرة الأرضية وتسبب تسونامي مريعا يغرق الهند والسند؟

لكنني ما دمت حياً، فهي شعرة مفيدة، ليس لي، إنما للرسامين الكاريكاتيريين، فما على الواحد منهم ليرسم صورة كاريكاتيرية لي غير ان يرسم بطيخة صقيلة ثم يشخط عليها بقلمه شخطة مقوسة ملتفة قليلا في الوسط ليحصل على شبه جيد لي بصلعتي المعروفة والشعرة الخالدة عليها. كل من ينظر إليها سيبتسم ويقول: آه! واضح، هذا خالد القشطيني ولا غيره.. انظروا إلى الشعرة التي على رأسه!

لكن شيئاً غريباً أخذ يكدر صفوة حبي لهذه الشعرة، رغم انني ودعت شعري الجميل منذ سنين طويلة، تبدو كقرون ما قبل التاريخ، فإنني ما زلت أتذكر أن شعري كان مستقيماً ومسرسحا، في حين ان هذه الشعرة ملتفة ومجعدة. أيمكن أن تكون غريبة عليّ ودخيلة على صلعتي ولا تنتمي لي قط؟ آرعبتني الفكرة فأخذت أفكر بإحالة هذه الشعرة الى معهد الطب العدلي ليقارنوا جيناتها بجيناتي، إذا اختلفت فالأمر واضح، إن شعرة لرجل مجعد الشعر قد اخترقت برنيطتي في غفلة من امري وجامعت احدى شعيرات رأسي وخلفت هذه الشعرة الفريدة التي لا تنتمي مطلقاً لي أو لأسرتي القشطينية المستقيمة الشعر.

انها، والحالة هذه شعرة لقيطة، وربما يفسر هذا سر صمودها وبقائها.

أعوذ بالله من شرور أنفسنا وحاشا للمؤمنين أن يمسوا اعراض المسلمين والمسلمات.