هيئة سوق المال والتشهير!

TT

قامت هيئة سوق المال بالإعلان أخيرا عن مجموعة غير مسبوقة من العقوبات على عدد من المخالفين للأنظمة، متهمة إياهم بالتلاعب والاحتيال ومخالفة اللوائح المنظمة للتعامل في البورصة السعودية. وهذا الموقف التأديبي المهم من لدن الهيئة (وهو الذي كان الكثيرون يطالبون به وطال انتظاره) يحسب لها ويجب أن تنال الثناء الجزيل عليه. فهو خطوة نظامية مطلوبة تخاطب الوضع المتخبط لحال السوق والشائعات والأقاويل التي استغلت هوان الهيئة وعدم اتخاذها لمواقف حازمة وجادة تجاه تلك الأمور. ولكن القرار المهم افتقد جانبا مهما وخطيرا في فعاليته، ألا وهو عامل التشهير.

الجرائم المالية، وهي التي تطلق على المخالفات المقصودة في قرار هيئة سوق المال، عادة ما تتم تغطيتها بوضوح في الإعلام، فيتم ذكر الأسماء أو المؤسسات المدانة صراحة ونوع الجرائم تحديدا وكيف تمت ومتى، وبهذا الطرح الذي فيه الحد الأدنى المطلوب من الشفافية والمكاشفة للجميع سوف يتم عامل «الردع» المنشود في هكذا قرار، وهو أحد أهم الأهداف المطلوب تحقيقها.

وليس من المعقول أن يتم القبول بتشهير جرائم التزوير وغيرها للضعاف من بعض الدول العربية والآسيوية والأفريقية ولا يتم الإعلان بوضوح عن أسماء وهويات الذين ارتكبوا تلك المخالفات التي تتسبب في «خراب بيوت» وهزات تدميرية لأموال ناس وسمعة بلد.

أنصاف الحلول هي أشبه بالعض بدون أسنان أثرها سوف يكون دائما ناقصا وبلا النتائج الكاملة المرجوة. «الخجل» والحذر المبالغ فيه المطبق حين تطبيق القرارات التأديبية يفقدانها معناها، ولا فرق هنا بين صبية يشهر بهم بالاسم والصورة في الصحف اليومية حين قيامهم بمعاكسة الفتيات والأسر كما حدث في دبي وأتت بنتائج ايجابية جدا حيث أدت إلى انحسار تلك الظاهرة ونفس الشيء يحدث حين التشهير بمن يخالف بالجرائم المالية وغير المالية.

الجمهور العريض والمراقب لأداء سوق المال بحاجة دائمة لجرعات الطمأنة وإعادة الثقة، والفرص المتاحة لتحقيق ذلك تكون عادة عبر التشريعات المطورة أو القرارات التأديبية، ولكن حين يأتي قرار تأديبي ناقص وغير مكتمل تبدأ الأقاويل والأسئلة مستفسرة عمن هم المحميون؟ ولماذا تخفى أسماؤهم هكذا؟ مقدمة بذلك نظريات مؤامرة وسيناريوهات السوق بأسره في أشد الغنى عنها.

القرار التأديبي الذي صدر جيد، ولكن بكل بساطة يفتقد صفة مهمة جدا فيه، وهي صفة التشهير وبالتالي الشفافية والصرامة لإعلان ما حدث صراحة وردع هذا النوع من الجريمة مستقبلا.

[email protected]