عقبة أخرى كؤود.. اسمها تشيني..!

TT

يختلف نائب الرئيس ديك تشيني عن الصورة التي قد تكون شكلتها حوله في كونه مستبدا وشديد المحافظة ويفرض إرادته وأفكاره على رئيس أقل خبرة منه. لكن جورج بوش لديه مشكلة أخرى مع نائبه تتمثل في كون تشيني أعلن أنه لن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة، بعد انتهاء فترة حكم بوش في عام 2008. لذلك فإن بوش لا يمتلك خليفة واضحا. وهذا يفسر جزئيا السبب وراء افتقاد فترة حكمه الثانية للهدف الواضح.

وعلى سبيل المثال، تقليص النفقات والضرائب من قبل فريق بوش يخلو من أي تحكم. وسيتطلب الأمر معجزة إذا لم يحدث انفجار في الاقتصاد المحكوم بقواعد لعبة السوق، فيما تستطيع أن تراهن على تعديل كبير في السياسات بعد عام 2008 لإعادة مستوى الإنفاق والضرائب إلى ما كان عليه. ولو كان لبوش نائب رئيس مرشح كي يخلفه، وأن نجاحه سيستند إلى الإرث السياسي الذي سيخلفه بوش، فإنه من الصعب تصور أن الرئيس لن يكون مهتما بوضع سياسة مالية أكثر عقلانية. وبدلا من ذلك يبدو أن بوش يحكم وكأنه في حملة دائمة، على نحو شبيه كثيرا بما فعل كلينتون، ولكن الأخير كان في حملة رئاسية دائمة، فيما يبدو بوش يحكم وكأنه في حملة أولية دائمة ضد جون ماكين في ساوث كارولينا. وحتى الآن تبدو ولاية بوش الثانية، الى الحد الذي تمتلك فيه أية أجندة محسوسة، وهي تلبي حاجات أقصى يمين حزبه.

وارتباطا بارتفاع أسعار البنزين، فمن الواضح تماما أن بلادنا بحاجة الى استراتيجية شاملة لتقليص استهلاكنا للطاقة وإيجاد أنظمة وقود بديلة. وقد فشل الرئيس تماما في هذا المجال. فالمسافر في مختلف أنحاء أميركا اليوم سيجد بلادا تشعر بقلق عميق بشأن التعليم والمنافسة والرعاية الصحية والتقاعد. انها بلاد قلقة حول كيفية حصول أطفالها على الوظائف والتقاعد ورعاية الآباء المسنين. ولكن بدلا من التركيز على «صفقة جديدة»; جديدة لمعالجة مخاطر عصر العولمة، شرع الرئيس في ولايته الثانية بتمزيق «الصفقة الجديدة» القديمة، محاولا خصخصة الضمان الاجتماعي، مما يغذي مشاعر القلق لدى الشعب، حيث لا قبول لهكذا سياسات.

نعم لقد قدم بوش اقتراحا يتميز بالشجاعة لحل مشاكل الضمان الاجتماعي ايضا، إلا أن عدم طرحه لذلك الاقتراح بأفضل طريقة، أدى الى ضياعه وراء هوسه بالحسابات الخاصة، وهي ليست الاولوية في البلاد، ولكننا أمام رئيس يطارده نائب رئيس لا يجب ان يسمح بحدوث ذلك، دعك من كون بوش لم يكن ليتخذ سياسة «إخفاء الرأس في الرمال» الذي تبناه في معارضته لأبحاث الخلايا الجذعية وتغييرات الطقس وزيادة السكان، وهي المواقف التي تخلى عنها الجناح الوسط في الحزب الجمهوري.

ففي الاسبوع الماضي، انشق كبير المفاوضين الجمهوريين في مجلس الشيوخ بسبب مشروع قانون الطاقة عن بوش، ولمح الى انه يعتقد ان وجهة النظر العلمية تؤكد حدوث تغييرات في الطقس، واننا في حاجة الى القيام بشيء في هذا الاتجاه.

والشاهد أنه وإذا ما كان لبوش أمل في تحويل الحزب الجمهوري الى حزب اغلبية دائمة والحفاظ على إرثه، فيجب عليه تبني عدة مقترحات مهمة لتوسيع نطاق دوائر الحزب خاصة في ضوء خلو الحزب الديمقراطي من الافكار. ولكن، وللأسف، وبدلا من توسيع نطاق الحزب والتركيز على تحقيق الاشياء لفائدة الطبقة الوسطى في البلاد، فإننا أمام رئيس يركز على اهتمامات الجناح اليميني. واذا كانت تلك هي الطريقة التي ينوي بها استثمار رأسماله السياسي، فهذا يخصه، ولكن اذا كان هناك نائب للرئيس ينوي ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة عام 2008، فقد كان من الممكن ان يقول له «يا رئيس ماذا تفعل؟ الى أين تتجه؟ كيف يمكنني الفوز في الانتخابات وسط العداء للعلم وإخفاء الرأس في الرمال».

* خدمة «نيويورك تايمز»