أربعائيات.. القلب ـ البوصلة !

TT

حين قال «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة ، «كان يتحدث في الجوهر لا في المظهر. حالة من الصفاء الجميل الذي يلف الروح فيحول الجسد إلى عالم متعدد من الألوان والأصوات والانسجام الكوني!!

كلما زاد الغموض اقترب الوضوح بكل جلائه وكبريائه. وكلما زاد المتشردون على أرصفة القلب صعبت الرحلة، مع قلة الأداء وانقطاع الزاد!! وكلما تغلغلنا في الغابة أكثر منعتنا الأشجار من رؤية الغابة!! وكلما ابتعدنا عن الشاطئ توحدنا بخشب السفن اللزج الذي ينز رائحة الزعفران!!

لا وقت لدينا لنضيعه في مناكفة الأرواح، وممازحة ما لا يمازح، وممارسة الغضب في عالم بحاجة إلى كثير من الاطمئنان والراحة الأبدية!! كل الذين مازحوا الأسئلة الكونية الكبرى، أو احتجوا عليها، أو غضبوا منها، كانوا يناطحون جبلا!! الأسئلة الكونية الكبرى لا تقبل المزاح!!

المعادلة سهلة إلى درجة مدهشة. الأرواح تشف عما في داخلها عندما تكون خفيفة، وشفافة وبسيطة. عندما تدرك أن الرحلة قصيرة، وأن اللحظة التي تمر من عمرنا لا يمكن تعويضها. وأننا حينما نغضب ونزمجر فنحن ندمر أنفسنا ونمارس مؤامرة كبرى على أرواحنا، ونقوم بعملية قتل جماعي لأوردتنا وقلوبنا!!

كل شيء سيمر... الزمن والأحداث.. الفرح والحزن. لحظة الكآبة ولحظة الفرح!! لحظة الولادة ولحظة الموت. هذا المزيج الأزلي من المتناقضات هو الذي يضع اللوحة الكلية الأبدية الجميلة!!

متى نصحو من ممارسة هواية الانتحار البطيء، عبر معارك وهمية نخلقها، ومنغصات صغيرة نخترعها، والاعتقاد بأن مهمتنا في هذا الكون هو المناكفة والعناد والغضب، فإن لم نجد أحدا نمارس عليه هذه الهوايات اللعينة مارسناها على أنفسنا!!

الراحلون في القبور لا نستطيع أن نسألهم والذين يتكونون في أرحام أمهاتهم لا نستطيع أن نتحدث معهم. ذاكرتنا ستظل ضعيفة، لن يأتي أحد ليخبرنا، لم يذهب احد ليخبرهم. أرواحنا هي بوصلاتنا. ومن كان قلبه بوصلته لا يضل الطريق، ولا يكثر الأسئلة ولا يتلفت كثيرا!!

ليكن قلبك بوصلتك وستصل إلى تلك البحيرة الجميلة التي طال انتظارها!!