انتم لسه هنا؟!

TT

حركة الاصلاح المصرية المعروفة باسم «كفاية» احدثت حراكا سياسيا على الساحة السياسية العربية بصورة عامة منذ انطلاقها، وباتت تتصدر الاخبار ولقد أعلن في اليمن أخيرا عن ولادة حركة سياسية جديدة باسم «ارحلوا»، وسبق هذا حركة فلسطينية ضد الفساد باسم «كفى»، ويتساءل العديد من العرب عما يحدث عندهم بالكتابة والمشاركة التلفزيونية والتلفونية لإبداء الآراء بعد سنوات عجاف من الخوف من مجرد التفكير فيما يجول بخواطرهم.

واحد من الظرفاء يتوقع استمرار هذه الحركات الشعبية العفوية وأن تأتي حركة باسم «انتم لسه هنا؟». ولكن بعيدا عن ردود الفعل الهزلية والمضحكة يبدو أن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية الاخيرة للمنطقة اعادت فتح ملف الاصلاح بشكل كبير وتلا تلك الزيارة قدوم ليز تشيني ابنة نائب الرئيس الأميركي والمسؤولة عن ملف المرأة والحريات بالخارجية الأميركية لمنطقة الشرق الادنى تأتي لممارسة مزيد من الضغوطات للاصلاح، وجاءت تصريحات السيدتين بمثابة بالونات اختبار وحجارة في البحيرة العربية وجرت التداولات والتعليقات على ما قيل.

بالرغم من أن كلمة اصلاح أخيرا باتت كلمة «نابية» و«خارجة» ومسيئة للأدب في الكثير من الأوساط، إلا أنها ايضا اصبحت واقعا في المعجم اليومي للعرب لا يمكن اغفاله، ولكن المشكلة تكمن في تفاسير الاصلاح المختلفة في اذهان الجميع، وستستمر اصوات كوندوليزا رايس وليز تشيني وغيرهما في التدخل في الشؤون العربية طالما أن الدول العربية تسير بدون خريطة طريق للاصلاح واضحة المعالم وذات جدول زمني صريح يعرف فيه مواطنو الدول العربية نفسها قبل غيرهم ماذا ينتظرهم والى أين يسيرون. إذ أنه بدون هكذا حسم سيستمر الشارع العربي في افرازات حركات «فش خلق» بين «كفاية» و«مش كفاية» و«لسه شوية».. وهكذا، الا أن الموضوع يأخذ المعنى الجدي والخطير لو أظهر كم عدد الفرص التي تضيع والوقت الذي يذهب والطموح الذي يقتل والأمل الذي يوأد لشريحة غير بسيطة من الناس وهم في انتظار الفرص الجادة للعيش في مجتمعات سوية يحترم فيها الانسان ويعرف حقوقه من دون مفاجآت غير سارة.

تجبير سنوات من العمل والمناداة الصادقة بأوطان أجمل على أنه ضغط أميركي فقط فيه ظلم للكثير من الشرفاء، وهذه جريمة لا تمحوها سوى قدرة الشعوب العربية وحكوماتهم على العمل الجاد لغد أفضل.

[email protected]