15 أغسطس 2005

TT

بعد شهر ونصف، 15 أغسطس (آب) 2005، يخرج من غزة نحو 8500 مستوطن إسرائيلي عائدين الى ما وراء حدود 1967. تقول الاحصاءات ان 74% منهم سيقاومون سلميا و11% بالعنف. وسوف يتولى الجيش الاسرائيلي اجلاء الرافضين بالقوة.

سوف يكون ذلك اول جلاء اسرائيلي عن ارض فلسطين منذ 1948. وأول تفكيك لمستعمرات منذ ان بدأت الهجرة اليهودية الى فلسطين اوائل القرن الماضي. وما يبدو جلاء سلميا هو في الحقيقة نتيجة نضال فدائي وشعبي شارك فيه كل طفل وكل امرأة في غزة. وكان وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه أرينز قد قال في الثمانينات ان على اسرائيل ان تترك غزة خلال 24 ساعة لان الغزاويين حولوها الى جحيم للمحتل.

هذا الجلاء الاول من نوعه في الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي ليس امامه سوى 45 يوما. أي بعد 45 يوما يكون جيش الاحتلال قد انسحب والمستعمرات قد محيت او بيعت لبعض سكان المخيمات البائسة. وبالتالي فان أي حادث أمني ضخم قد يستغل من أجل أن يبقى الاحتلال والاستيطان والظلم والبطش واغتيال الشيوخ المقعدين بالصواريخ.

لذلك نتمنى الا يعطل هذا الجلاء أحد أو شيء. وربما كان من صالح الجميع ان تعلق، حتى اشعار آخر (مع وعد قاطع بالاستئناف) دروس الوطنية والقومية التي تعطى للرئيس محمود عباس. فهذا الرجل قد تلقى ما يكفي من الدروس منذ امد طويل ومن جميع الناس. فإما ان لديه القدرة على الاستيعاب، مما يعني انه لا حاجة للمزيد، وإما انه يفتقد الى تلك القدرة، وهذا يعني ان لا فائدة من المزيد.

المشكلة في الدروس التي تعطى للرئيس الفلسطيني، انها تخاطبه كطارئ على الشعب ومبتدئ في القضية. والمشكلة الأخرى ان الأوامر التي تعطى إليه في الصحف، تنسى ان الرجل رئيس منتخب من اكثرية الفلسطينيين. وربما يرأف به الآن اساتذة الشعور القومي ويعطونه فرصة لا تزيد على 45 يوما تنتهي في 15 اغسطس من هذا الصيف.

وبعد ان نشاهد جلاء الاحتلال وتدمير المستوطنات وعودة غزة الى اكثر شعوب الارض عذابا، نشن على الرجل حرب مقالات لا نهاية لها. وأنا شخصيا أعد بمقال في هذا المعنى. فقد اسأت للرجل مرة من قبل، ولا تقلل من قدره إساءة اخرى. لكن هذا ما يحدث عادة عندما ينصّبُ صاحب القلم نفسه قيما على صاحب القضية. انه الفرق الازلي بين صعوبة الحكم وسهولة الكلام.