بشرى.. ودورة!؟

TT

ابتهج عدد غير قليل من السعوديين بخبر عودة الابتعاث الجامعي مرة أخرى للولايات المتحدة الأميركية وذلك بعد طول انقطاع. وقرأوا الاعلانات الصحافية التي تنظم طلبات الابتعاث بشكل جيد. والابتعاث الذي طالبت اصوات عديدة بعودته لانه يصب في المصلحة العامة أولا وأخيرا إذ أنه افرز العديد من الكفاءات العلمية والكوادر الادارية الناجحة والتي افادت بلادها بشكل مميز وفعال اضافة الى أن الابتعاث ساهم في تفعيل الحوار الثقافي بين الامم المختلفة بشكل سلس وعملي بعيدا عن التنظير. ولكن المعنيين بهذا الامر فوجئوا بخبر مفاده أنه لن يتم ابتعاث أي أحد قبل الحاقه بدورة اعدادية لمدة اسبوعين بجامعة الامام محمد بن سعود. وحقيقة غير معروف لماذا الاصرار على هذا الشرط، هل هو لأجل اصلاح المبتعث فكريا قبل ذهابه الى بلاد أخرى وهل من الممكن اصلاح ذلك في دورة «اكسبرس» لمدة اسبوعين؟ وطبعا لن يسمح بنجاح أحد في هذه الدورة من دون التأكد من حضوره لنسبة 98% منها. ولكن هل هذا سيكون المعيار الوحيد «للنجاح» في هذه الدورة؟ أم أنه سيكون الحكم من خلال الشكل والهيئة والمظهر والاسم وغير ذلك؟ وهل ستقدم الدورة ايضا للمبتعثات الاناث أم سترفض اساسا فكرة ابتعاثهن؟ غير مفهوم ما هو مغزى دورة كهذه يتفق عدد غير بسيط ممن حضروها من قبل بعدم استفادتهم منها وأنها هدر للمال وللوقت. فرضية أن الانسان لديه خلل في عقيدته وايمانه وأنه بحاجة لكشف السلامة قبل السفر هي فكرة تنتمي لمعسكرات الشيوعية وأحزاب البعث وحركات الطليعة الناصرية والنازية وغير ذلك من الحركات المتطرفة وليس في بلاد كرمت بخاتم النبيين وأشرف الرسالات السماوية ومهبط الوحي. أساسية حسن الظن في مجتمعاتنا مطلوبة وبشدة بدلا من الاعتقاد بأن المواطنين بحاجة لدورات تأهيل قبل الابتعاث أو ما شابه ذلك. جامعة الامام محمد بن سعود نفسها بحاجة لمراجعة ادارية جادة وخصوصا بعد قرار المحكمة الأخير الخاص بدورات اللغة الانجليزية وبحاجة لأن يتم تطهير أي مظاهر غلو وتشدد وتنطع فيها في محفل علمي كبير يحمل اسم أحد الآباء المؤسسين للسعودية وهي بالتالي مطالبة بالاهتمام بشؤونها الداخلية أولا وهي كثيرة. الدورات التأهيلية من هذا النوع لا مكان لها اليوم وهي ترسل رسائل خاطئة للكثيرين. الاهتمام بسوية وعدالة وجدارة فرص الابتعاث لأكبر شريحة ممكنة هو الذي سيمنح الوطن فرصة حقيقية للاستفادة من هذا الوضع الجديد. فبالأساس أبناء وبنات هذه البلاد هم مؤمنون ومسؤولون وبررة... بدون دورات.

[email protected]