الناطقون بالغين والناطقون بالجيم!

TT

عزيزي رئيس التحرير

أشكو إليك. وبعد فقد كثرت الأخطاء المطبعية والإملائية والنحوية وأبيات الشعر تكسرت. والملوم أنا، فالقارئ، أي الزبون، على حق دائما. ومن ضمن حقوق القارئ اتهام الكاتب وليس المطبعة ولا الإنترنت. ولا أعرف ماذا أقول. فأنا أكتب المقال وأصححه. ثم ينتقل إلى الآلة الكاتبة وأصححه وأحيانا اختصره. وهنا ينتهي دوري. ويبدأ دور زملاء آخرين. وهم مثلي مرهقون ومتعبون. ثم انني لست الوحيد على الحجر. فعلى الحجر كثيرون. وهكذا تتفرق دماء الكاتب بين القبائل الصحفية كل يوم. ولكثرة الدماء المراقة في كل صفحة وكل شبكة، فان دماء الكاتب أهونها. ولذلك فلن يلتفت أليها أحد.

وإذا أحسن القارئ الظن، فسوف يقول: أخطاء المطبعة. أو حتى لو كان الكاتب يجهل خبر إن واسم كان، فمن الذي لا يخطئ. وجل من لا يخطئ. ويقول الإمام البوصيري في (البردة) النبوية:

من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟

ويجيب شاعر آخر عن هذا السؤال فيقول:

محمد خير الورى من عليه الوحي هبط!

فليس أنا ولا أي كاتب. وتتكرر حكاية الفنان الفرنسي رودان الذي أكمل تمثالا للأديب العظيم فكتور هيجو. ودعا الفنانين والصحفيين لرؤيته. وجاءوا وفوجئ الفنان الذي نسي النافذة مفتوحة فهبت العواصف والأمطار فمسحت معالم التمثال وغطاه المطر فأذابه.

وكانت صدمة عنيفة للفنان لولا أن النقاد أشادوا بما رأوا.. فقالوا: إن الفنان رودان أراد أن يقول أن هيجو عاش في دوامة فكرية وسياسية. وإنه رغم الأوحال والأمواج حوله قد برز عملاقا.

واندهش الفنان وسألهم: هل أنتم ترون ذلك؟ فكان جوابهم: نعم إنها العبقرية! وسوف يقول قراء حسنو الظن شيئا من مثل ذلك.

بقيت قصة صغيرة. فأنا أكتب الأسماء بالجيم وأجدها بالغين مثل هيجو تكون هيغو.. وهيدجر يكون هيدغر.. فلماذا أنا على خطأ وغيري على صواب؟!

وكانت الإذاعة البريطانية تمنع المصريين أن ينطقوا الجيم الخفيفة التي ينطقها اليمنيون أيضا، وهي فصيحة. وتصر الإذاعة البريطانية على أن ينطقوا الجيم المعطشة.

لماذا؟ أما الآن فقد عدلوا عن ذلك، وكثير من الإذاعات حتى في إسرائيل فالمصريون في الإذاعة والتليفزيون ينطقون الجيم الخفيفة.

ملحوظة أخرى: أن موقع «الشرق الأوسط» على الإنترنت لم يعد سهلا ويسيرا كما كان قبل ذلك.. فأنا أجد صعوبة في طبع المقالات والأخبار التي أريد أن اقرأها..

مع محبتي وعظيم امتناني.