كلنا خطاءون

TT

عزيزي الأستاذ أنيس منصور.

طالعت مقالك المعنون «الناطقون بالغين والناطقون بالجيم» الذي تناولت فيه الأخطاء الإملائية والمطبعية والنحوية في الصحيفة، وشكوت من زيادتها. وردي على ذلك مستلهم من مقولة بليغة لأحد الفلاسفة قرأتها في كتاب لكم يوم كنت انا طالبا في الثانوية العامة، حيث يقول الفيلسوف «أعطني سطرا لأشد الناس حرصاً وسأجد فيه ما يستحق الشنق عليه».

وبدوري اقول أعطني صحيفة في العالم تصدر ولا توجد بها اخطاء نحوية واملائية ومطبعية، بل وفي المعلومات ايضا، ولن اشنق احدا بالطبع، لكنني ساكتب لك معتذراً ! فصحيفة «النيويورك تايمز» وحدها، وبكل امكانياتها، يا سيدي، نشرت في عام 2004 ثلاثة آلاف ومائتا تصويب!

وفي العالم العربي نحن الصحيفة الوحيدة التي تنشر تصويبات يومية، نصوِّب بها أخطاءنا، وليس في المناسبات وحسب. ولدينا رقيب صحافي، استجاب الله لدعائي عليه هذا الأسبوع فمرض. إذاً الأخطاء قاعدة، وعدم الوقوع فيها نعمة لم نسمع بفائز بها. وخير الخطائين التوابون. ونحن نتوب كل يوم. وتبقى هنا النسبة والتناسب في الاخطاء، فهل نسبة الاخطاء لدينا اكثر من غيرنا ؟ أشك!

وفي معرض مقالك، يا كاتبي العزيز، راق لي قولك إنك لست الوحيد على الحجر، أما انا فالوحيد في مرمى الحجر. من القارئ، وخذ مثالا هنا ما كتبه القارئ الكريم موسى بن سليمان السويداء تعليقاً على مقالك حيث يقول «يبدو أن الكاتب أيضا قد أخطأ في هذا المقال، فبيت الشعر لم يكن للبوصيري الصوفي أحد غلاة قصائد المدائح النبوية بل هو لأبي القاسم الحريري المتوفى سنة (510 هـ)، ذكره ضمن قصيدة في المقامة الشعرية من مقامته الأدبية ومطلعها :

سامح أخاك إذا خلط ... منه الإصابة بالغلط .

فالقراء لا يرحمون، وقد يأتي قارئ آخر ويصحح ايضا. ولان الحديث موصول فانا في مرمى حجر الصحافيين والكتاب والمصححين والفنيين والمطابع والمعلنين والمصادر والرقباء، وهذا عظيم البلاء، والجماعات بمشارب اختلافاتها، والحكومات، وقبل هذا وذاك الناشر. ويظل عتابك أهون العتب.

اما عن الجيم والغين حيث يكتب هيغو بدلا من هيجو، فلكل صحيفة، ومثلك لا تقرع له عصى، ما يسمى بالأسلوب (السْتايل) الخاص. فانا مثلا افضل كتابة «امريكا» على كتابة «اميركا»، لكن الاسلوب الخاص بالصحيفة يفرض كتابتها هكذا (اميركا). وكما قيل بالمثال يتضح المحال، فأنا لا أفضل، مثلا، استخدام النقطتين فوق بعض فاكتب «وردي على من يقولون ذلك ان لا ضير». فافاجأ بها منشورة في الصحيفة على النحو التالي «وردي على من يقولون ذلك: ان لا ضير». وما زالت لدي معركة مفتوحة استخدم فيها كل انواع الاسلحة التي تمنحني اياها صلاحيات رئيس التحرير، وبشراسة متناهية، مع الزميل حسن ساتي، لكنني لم انتصر بعد! إذاً لكل صحيفة اسلوب خاص!

اما ملحوظتكم الاخيرة، يا كاتبي العزيز، حول موقع الانترنت، فردي يا رعاكم الله ان اشتري راحة بالك واحصل على النسخة الورقية. اسلم لك، واغنم لنا!

محبتي واعتزازي.

[email protected]