القوائم تتوالد

TT

قائمة الستة والعشرين انتهت، لتلد قائمة جديدة أكبر منها وأخطر، مثل دوامة تتسع، قد يحتاج القضاء عليها وقتا أطول، تتكلف فيه البلاد تفجيرات عشوائية كلما اشتد حصارهم.

صرح المتفائلون في أول معركة ضد الإرهاب بأنها بداية النهاية، لكن المراقب لكمية الأسلحة التي تتم مصادرتها، وكمية المال السائب بين أيديهم يعرف أن المدن التي دوهمت فيها أوكار الإرهابيين تنام على مدافن من الأسلحة وأموال من التمويل الذي لم تجف منابعه بعد، وحماية تتستر بها كل مؤسسة تحاط بالشبهات ثم تعود لتتأكد.

لا شك أن الإرهابيين الذين تشير أسماؤهم وأماكن ولادتهم، وسيرة حياتهم القصيرة بيننا، هم أبناء لعائلات نعرفها ونتاج لمصانع نعاني كل يوم من أدبيات التجهيل التي تصدرها، والتي حاول البعض أن ينكر أنها بيننا وأنها ليست منا. البعض يتوقع أن الحل الأمني هو الكفيل بالقضاء على القوائم، لكن ماذا عن قوائم التعاطف وقواميس المبررات التي يستسهل كل من يمر بحدث إرهابي قذفه في وجهك وكأنه سبب مقنع لسفك دمك!

إحدى السيدات التائبات من تجربة دعم إرهاب سابقة بعد أن تبين لها خطأها، ظهرت باسم مستعار في مقابلة في جريدة «الوطن» السعودية تنتقد تجربتها في دعم الإرهاب وتخطئها، لكنها ظلت تنادي أسامة بن لادن بالشيخ، وتدعو له ولأصحابه بالهداية، في حين ترمي الفنانين والكتاب والأدباء في الجحيم حالما تمر على ذكر أسمائهم!

إحدى السيدات الثريات جدا، لم يجد ولداها فرصة قبول في الجامعة أو عمل، ظلت تنوح وتبرر الإرهاب بحجة أن موارد الحياة تضيق على الشباب من دون أن تحاول هي نفسها أن تساعد ولديها، وهي أول من تخلى عنهما، فهي تظن أن الحكومة هي المسؤولة عنها وعن ولديها، بينما لا تتحمل هي ولا أي مواطن أي مسؤولية حتى ولو كانت ضمن حدود طاقتها، والأسهل من هذا والأبشع أن تجد إسالة الدماء وبث طاقات كراهية المختلفين مبررا! يسهل على أي مراقب أن يسمع مبررات للإرهاب من أحقاد طبقية، وتصورات فكرية تدينك لو اختلفت عنها سنتيمترا واحدا.

سيدة أخرى تبرر الإرهاب لمجرد أنها ترى أن نسبة السيدات اللواتي يخرجن للمطاعم قد زادت في الصيف، وهذا دلالة على فساد المجتمع واقتراب علامات يوم القيامة، وقد يقول قائل إن من احترام أفكار الآخرين تركهم يتصورون ما يشاءون! لكن ما ذا لو كانت هذه السيدة مديرة مدرسة أو معلمة والأخرى مسؤولة عن دائرة نسائية وصاحبة قرار، وتحت أيديهما أبناء لهما وأبناء مواطنين آخرين، تتداولان على مسامعهم ثقافة الكراهية، وتلقنانهم فلسفة العداءات المركبة، خاصة أن أصحاب هذا الفكر لا يتعاملون مع أفكارهم كأسرار ضد أمن المجتمع، فيحرصون على إخفائها، بل إن مثل هذه الأفكار هي التي تقف على رجليها، وترفع رأسها في الأماكن العامة، يجاملها الآخرون ويهزون رؤوسهم لها، خوفا من التنكيل والنفي، في حين تحني أفكار التسامح والسلم والمحبة رأسها، طالبة من الله السلامة.

من المسؤول عن تمخطر أفكار دعم الإرهاب ومستنقعاته التي يجب أن تجفف بكشفها للضوء وفتح مسارات مائية تجدد ركودها وإطلاق العقل ليجدف في مائها، ويخرج ماؤها إلى نهر المعارف المتعددة!

[email protected]