أين سيقضي الإرهابيون الإجازة الصيفية؟

TT

قبل خمسة أيام، اعلنت وزارة الداخلية السعودية لائحة لـ«36» مطلوباً أمنياً داخلياً وخارجياً. واحتوت القائمة على 19 شاباً دون سن الخامسة والعشرين. الى ذلك، اشار معظم المحللين الأمنيين الى تغليب الظن على ان تجنيدهم تم منذ فترة قريبة، لا تزيد على العامين، أي منذ بدء الحرب الاميركية على النظام العراقي البائد ورئيسه المخلوع.

وانا أشاهد صور الشبان المطلوبين للعدالة، تذكرت توصيات مؤتمر الحوار الوطني الرابع، الذي خصص لمناقشة قضايا الشباب. التوصيات احتوت على 30 فكرة تم رفعها للمسؤولين. وتنوعت بين البطالة، وتشجيع التواصل بين الشباب بمختلف توجهاتهم، والمواطنة وتضمين ما يعزز حبهم للوطن والانتماء اليه في الخطاب الدعوي، وإشراك الشباب في قيادة مؤسسات المجتمع المدني، والتوسع في استخدام وسائل التعليم الحديثة.. الخ.

التوصيات جيدة حتماً، ولكنها أوجدت آلية في حال تم تطبيقها ستنقذ الجيل المقبل وتحميه. ولكن التوصيات لم تجد آلية لحماية وإخراج الشبان الذين وقعوا في فخ الارهاب حالياً ويرجون خلاصاً. او على الأقل هي أوجدت حلولاً على المدى الطويل، بينما المجتمع يحتاج حالياً الى حلول ناجعة على المدى القصير.

فلا زالت المؤسسات التعليمية في السعودية وأنشطتها اللاصفية بحاجة الى تدقيق أكثر من قبل المسؤولين. فقبل يومين فقط، أخبرني أستاذ في المرحلة الثانوية أنه ضبط مع بعض الطلاب الذين يرتادون المركز الصيفي شريطا دعويا ينتقد فيه الداعية شاباً رآه يستمع للأغاني، فسأله عن السبب، فقال الشاب «لأنها تهدئ الأعصاب»، فرد عليه الشيخ «بل فجر الله أعصابك في سبيل الله». هذا النوع من الأشرطة يجد طريقه الى أيدي الناشئة، رغم التوجيهات الحكومية المستمرة بضرورة التنبه لمثل هذه الظواهر، والتأكيد على أن التعليم أمانة. المؤلم أن تمر مثل هذه الحوادث بدون تحقيق أو عقاب، فيما يعاقب معلم ويوبخ لأنه قام بتشغيل أغنية الفنان السعودي طلال مداح «وطني الحبيب وهل أحب سواه»، في الصباح الباكر في احدى مدارس المرحلة المتوسطة.

سامر الحربي، 23 عاماً، يعتقد أن هناك دوراً كبيراً مناطاً بالأهالي في مثل هذه الحالات: «فمن غير المعقول أن يتحول الشاب فكرياً بهذا الشكل المفاجئ والكبير بدون اثارة علامات استفهام حول تصرفاته. بصراحة نحن شبان وأحياناً نلحظ على أشخاص كنا نزاملهم الكثير من التغيرات».

ويضيف الحربي: «أفهم أن التغيير الايجابي والفاعل يحتاج لوقت طويل، ولكن هناك قنوات داخلية لو تم التضييق عليها بشكل كاف، لاستطعنا حماية المزيد من إخوتنا وأصدقائنا من الانجراف في هذا الطريق».

غير أن عماد بنّا، 20 عاماً، رأى سبباً أخر يسهل استهداف صغار السن، قائلاً: «هناك صفة في الشاب السعودي لا أعرف كيف تكونت وما العناصر التي ساهمت فيها، ولكنها حاضرة بقوة، وهي قابلية التوجيه. لا أعرف لماذا دائماً من السهل على الشاب السعودي الإنصات وتنفيذ الأوامر. في أحيان كثيرة يكون اتخاذه لموقف معين نتيجة تأثير شخص آخر عليه. وليس نتيجة تفكير وتأمل شخصي يصل به لقناعاته الخاصة».

إن كان من كلمة أخيرة، فهي أنه ليس مفاجأًة أن يكون هذا الكم من الشبان دون سن الخامسة والعشرين، فالقوائم السابقة شهدت أعماراً أقل. ولكن المحزن بصدق عندما تفكر في أن هؤلاء الشبان كان من المفترض أن يحتفلوا هذه الأيام ، إما بتخرجهم في الجامعة او انتقالهم لمرحلة دراسية جديدة. وبدلاً من تحول منازل عائلاتهم الى خلية نحل لوضع خطط لقضاء الإجازة الصيفية، تحولت الى تجمعات تواسي العوائل بعضها بعضا في مصابها في أبنائها.

* مقال يتناول آراء الشباب حول قضايا الساعة

[email protected]