المقدسي و«الجزيرة»!

TT

اذا كان اطلاق سراح المقدسي من السجون الاردنية قبل ايام، والذي اعيد اعتقاله بعد حوار له مع «الجزيرة» القطرية، صفقة الهدف منها إحداث انشقاق داخل جماعة الزرقاوي.. واعيد واقول اذا كانت صفقه، كما يتردد، فبئس الصفقة وما اتعسها.

ففي الوقت الذي لا نعلم فيه مبررات اطلاق سراحه، الا ان التاريخ والتجارب أثبتا ان التعامل مع هذه الجماعات، والافكار، التي لا تؤمن الا بالتكفير وحمل السلاح، من خلال محاورتهم بنوع خطابهم وفكرهم مثل محاولة التستر بالثوب القصير، فكلما سترت جهة تكشفت الاخرى. فالفكر التكفيري لا يؤمن بالحوار اطلاقا، بل هو يقتل من يؤمن بالحوار لغة للتفاهم.

حديث المقدسي على «الجزيرة» القطرية مزعج.. مرعب.. محبط. هذا رجل لا يقول لا للقتل، بل يقول ليس وقته! لا يقول لا للانتحار، بل يقول رشدوه! لا يقول يكفي تهور، بل يقول ان الانظمة العربية هي التي دفعت الشباب لذلك. لا يقول لا يجوز قتل رجال الامن، ولا يجوز قتل الشيعة، ولا يجوز تفجير المنازل والمتاجر، بل يقول لا تشتتوا الجهود فالهدف اكبر، ولا تعطلوا المسيرة.

فهذا الرجل لو كان مستشارا لابن لادن لما نصحه بعدم فعل ما فعله، بل سينصحه بعدم التعجل، حتى يتأكد انه اقوى، واكثر استعدادا! اكتب هذا ووعيي وإدراكي بأن الاردن ورجاله لا يساومون مثل هذا الرجل او مثل هذا الفكر، فهذا الرجل لم يطلق رصاصة صحيح، لكنه مدفع قاتل.

اما بث حوار معه، فالأمر صحافيا، بلغتنا نحن اهل الصحافة، (خبطة)، لكن ان يترك له الحبل على الغارب ومن دون ان يسأل اسئلة مستحقة تظهر للمتابع ما يهدف اليه هذا الرجل فهذا امر مخز. نعم امر مخز! فمشروعية المقدسي كلها تبنى على كتاب «الكواشف الجلية في تكفير الدولة السعودية». وليس سرا ان هناك خلافا سعوديا ـ قطريا، ليس وليد اليوم، لكن اذا كان الحوار نكاية بالسعودية، فهذا فجور سياسي واضح.

ولا ادري ما الذي يريده القطريون بوجه اصولي صارخ، ووجه علماني اكثر وضوحا. فعندما يسأل المذيع المقدسي، الذي لا ينطق اسم السعودية بل يقول الجزيرة، عن مصر والاردن، فهل هذه هي الحرية الصحافية؟ فلماذا لا يسأله عن رأيه في قطر وسياساتها عل وعسى ان تفيد شباب الجهاد الذين تمجدهم قناة الجزيرة، فينتبهون انها على الخارطة، وان لديها ما يجعلها تنافس مصر والسعودية وغيرهما في الكفر حسب مفاهيم المقدسي؟ ولم تكلف المحطة نفسها باستضافة أي أحد لتفنيد احاديث المقدسي!

بعد سقوط نظام صدام حسين ظننا ان عالمنا العربي نضج في خلافه وصراعه، لكن ما نراه اليوم في اللعبات الاعلامية يجبرنا ان نقول اللهم اهد الكبار، قبل الصغار!

[email protected]