أين يذهب الخليجيون؟!

TT

ألغى معظم السياح الخليجيين حجوزاتهم إلى لبنان، بعد أحداث القتل الشرسة لفخامة القاتل الحر الطليق، التي أسفرت عن مقتل رئيس وزرائه رفيق الحريري وسمير قصير وجورج حاوي وكل من يحذو حذوهم، بعد أن كان لبنان وجباله ملفى كثير من الخليجيين الهاربين من قيظ الخليج الصحراوي، كما كف غالبيتهم عن السفر إلى الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، خوفا من شحنة المضايقات التي يلقاها الخليجي عند كل صيف، مما زاد من حدة الشتائم المهداة لأمريكا المستبدة، التي حرمتهم من متعة السياحة الرخيصة والممتعة والعائلية، قياسا بجنون اليورو البقري، ويحدث الشيء نفسه مع إسبانيا بعد أحداث مدريد، فتحول الخليجيون الميسورون وبعض المسافرين على الفيزا، أملا بالعوض عن القطيعة، إلى لندن، قبل أن تثور قطاراتها وباصاتها بقنابل تحمل بصمات «القاعدة»!

السائح الخليجي يحظى باهتمام ملحوظ في الدول الغربية، لما ينفقه من مبالغ طائلة تقدرها مؤسسة «آي بي كيه» المعنية بالدراسات السياحية بحوالي 27 مليار دولار، والإحصاءات أيضا تقول إن السعوديين سجلوا عام 2001 تقريبا 4.8 مليون رحلة إلى مختلف دول العالم، والإمارات سجلت 1.8 مليون رحلة، ثم الكويت 1.3 مليون رحلة، ثم البحرين 400 ألف رحلة، وقد بلغ عدد الليالي التي شغلها الخليجيون في الفنادق العالمية نحو 200 مليون ليلة، كان نصيب السعوديين منها 108 ملايين ليلة، يليهم الإماراتيون 38 مليون ليلة، والكويتيون 31 مليون ليلة، ثم البحرينيون 5 ملايين ليلة، وبقية الدول الخليجية مجتمعة 19 مليون ليلة.

ومع أن رقم الـ27 مليار دولار لم يمثل سوى 5.6% من إجمالي العائدات العالمية من السياحة عام 2001 والبالغة 476 مليار دولار، حسب تقديرات المنظمة العالمية للسياحة، فإن إنفاق الخليجيين خلال جولاتهم السياحية في الغرب، رغم قلة عددهم، يعد الأعلى، مقارنة بالجنسيات الأوروبية نفسها، مما يدلل على أن الخليجيين هم بيضة السياحة الذهبية، لكن المضطر يركب الصعب، والمثل يقول يا روح ما بعدك روح، والنفس غالية!

ربما أدرك الخليجيون اليوم أنهم، أينما ذهبوا، مهددون، وصورتهم باتت مشوهة، وأدرك الترحيب بهم الصباح والكف عن السفر المباح! فإلى أين يذهب الخليجيون وبن لادن وصحبه يفجرون كل مقعد؟! إلى أين يذهب الخليجيون الذين يعرفون أن الأمن لا بديل عنه، ورغم هذا لا يتردد بعضهم في معايرة الأنظمة الغربية بالتناقض وعدم احترام حقوق الإنسان لأنها تحقق في كل شاردة وواردة تفوح منها رائحة العرب، بينما لا يعتريهم أي تردد بتصديق الشعارات السياسية التي يرددها الإرهابيون باسم الإسلام، بل ويدافعون أحيانا عنها، من دون أن يقفوا وقفة صدق مسؤولة وعاقلة، ليتساءلوا من هو المسؤول الحقيقي عن أسباب مضايقتهم وملاحقتهم وتشويه صورتهم وتحديد حريتهم وحصار سياحتهم؟! هل القانون الذي يحمي نفسه حتى لو خسر سياحته، أم القاتل الذي لا يعرف سوى قانون القتل على الطريقة الإسلامية؟!

[email protected]