سنة ونصف بلا استحمام!

TT

أول مرة سافرت إلى باريس نزلت في فندق في حي (سان ميشيل) وهو حي طلبة الجامعة، والفندق اسمه (نيودلهي)، وعندما ذهبت أبحث عنه بعد ذلك وجدتهم هدموه.. أحسن!

لم تكن في هذا الفندق دورات مياه ولا حتى حمامات، وإنما توجد دورة مياه واحدة للفندق، أما الغرف فمزودة بحنفيات لغسل الوجه، وإذا أردنا أن نستحم فيجب أن نذهب إلى الحمامات العمومية، ولكن الأفضل هو أن نشتري زجاجات الكولونيا ومعها قطع الإسفنج ونمسح أجسادنا، كما يفعل الفرنسيون.

وفي اعترافات رائدة الفضاء البريطانية ستيفاني واكر أنهم لا يستحمون في الفضاء، فالماء بالغ التكلفة، وإنما يمسحون أجسادهم بالماء، أما الكولونيا وكل الكحوليات فممنوع نقلها إلى الفضاء، لأن الكحول مشكلة، فسلامة السفينة تحتم استبعاده تماما، وتقول إنه يوجد القليل من الماء ولكن لأغراض مختلفة ومعقدة، أما الاستحمام فهذا ترف لا تقدر عليه هيئة الفضاء الأميركية الآن، وتقول إن ملابس الرواد مصنوعة من خيوط فضية، ليست الملابس فقط وإنما المخدات والمراتب وملاءات السرير.. والسبب ؟ حتى لا تعيش فيها البكتيريا.

وتقول إن جو سفن الفضاء ليس جميلا ونقيا تماما، ولكن به رائحة الأماكن المغلقة طويلا، وبها رطوبة، وقد تصل هذه الرطوبة في المحطة المدارية الدولية إلى 80 في المائة وربما أكثر.

وتقول إن مذاق الطعام ورائحته تتغير وتبعث على الغثيان ولا حيلة للعلماء حتى الآن، ولذلك يتدرب رواد الفضاء على تعاطي أطعمة ليست لذيذة ولا جميلة الرائحة، حتى لا يصابون بصدمة تمنعهم من الإقبال على الطعام المقرف الذي لا بديل عنه ولا مفر منه!

وفي سفن الفضاء يقومون بتدوير البول، أي تحويله إلى ماء سائغ وكذلك البراز، فالضرورة لها أحكام، وهذه أقسى أحكام الضرورة، وليس أسهل الآن من إرسال إنسان إلى القمر، ولكن الرحلة القادمة هي إرسال رواد إلى المريخ، للدوران حوله والعودة في سنة ونصف السنة، فكيف يأكلون ويشربون وينامون، إن حال الرواد قاسية جدا وحياة الرواد كلها أسرار وكلها تبعث على الأسى، لكنهم شجعان يتفانون في خدمة العلم من أجل الإنسانية أو من أجل حياة أفضل وأكرم، فإذا ضاقت بنا الأرض هربنا إلى الكواكب ذهابا وإيابا مهما طالت الرحلة.. بلا استحمام!

ُEssam- 1 -