وماذا عن طلبة الأدب؟

TT

عندما أراد الخالق عز وجل أن يعظم صفة من صفات رسوله (صلى الله عليه وسلم) ذكر أنه على خلق عظيم، في قوله تبارك وتعالى «وإنك لعلى خلق عظيم»، وعندما رغب الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) توضيح تلخيص سبب بعثته قال «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وبالتالي أساس البعثة النبوية والنهج المحمدي كله هي الاخلاق والأدب وليس العلم وحده، فكم من حافظ لعلوم شتى شوه هذا الحفظ ببعده عن الادب والاخلاق المتممين لهذا العلم.

والعلم السليم هو الذي يمنح صاحبه قدرة احترام الآخر وقدرة قبول حرية اختلاف الرأي بدون تعد وإهانة وقذف وتجريح.

في بيان صدر مؤخرا نشر على الإنترنت وتناوله ملحق المحليات في «الشرق الأوسط»، وهو عبارة عن موقف اعتراض لمجموعة من طلبة العلم على مسألة قيادة المرأة للسيارة في السعودية، بين فيه الموقعون على البيان موقفهم من المسألة واعتبروا أن الامر يمثل وجهة نظر فقهية وأن الدين بالتالي يحرم ذلك تحريما قاطعا. ووصف البيان الموافقين على قيادة المرأة للسيارة بأقسى العبارات وأسوأ السمات، بشكل واسلوب فيه الكثير من الازدراء والتحقير والاهانة.

مرة أخرى مسألة قيادة المرأة للسيارة أمر حسم شرعا وأجمعت على صحته الاغلبية الساحقة من علماء ومواطني العالم الاسلامي، وهم يمارسون ذلك عمليا، وبالتالي كل هذه الصفات القبيحة التي ذكرت في البيان تشمل عددا غير بسيط من علماء ومواطني العالم الاسلامي.

ومن جهة أخرى، أي اختلاف في الآراء يجب أن لا يصل الى عرضه الى هذه الصورة البشعة والمهينة. ومن المؤكد يجب أن لا يطرح وكأنه رأي ديني اسلامي وهو «محشو» بالعبارات المسمومة هذه.

الخلاف والتباين والاختلاف في مسائل مختلفة أمر من الواضح أنه سنة كونية ثابتة لن تتغير ولا بد من الاعتراف بذلك، واحترام ذلك أيضا وبقدر الاحترام والتبجيل الموجود لطلبة العلم يبدو أنه من الضروري جدا أن يكون لطلبة الادب مكانة ايضا.

لقد آن أوان احترام طارح وجهة النظر الاخرى المليئة بعبارات التهذيب والاخلاق والخالية من سوء الأدب التي نهانا عنه الإسلام نفسه. السنة المحمدية (على صاحبها أزكى صلاة وأتم تسليم) اقيمت على أساس اخلاقه ومتى توقف العمل بهذا النهج الاخلاقي فقدت معناها الشمولي. وهذا لب المشكلة وبيت القصيد.