توأمان سياميان .. فأين الجراح ؟

TT

لي رأي في غاية البساطة حول ما اذا كان يتعين للحكومة الأميركية أن تسمح لشركة كنوك الصينية للنفط بشراء شركة يونوكال الأميركية للنفط والغاز، وهو: دعوا السوق هي التي تحكم لأن النفط يمكن مقايضته. فإذا ما أرادت الصين أن تدفع أكثر مما يجب للاستيلاء على شركة طاقة أميركية من الدرجة الثانية، فذلك شأن يعود الى الصين. وإذا ما بدا أنني غير مهتم بهذا الموضوع، فذلك لأنني لا أعتقد ان القضية الهامة هي في من يمتلك يونوكال وإنما في ما اذا كانت أميركا والصين تتجهان نحو مجابهة خطرة حول القضايا الجيواقتصادية.

كيف؟ بايجاز أصبح اقتصادا الصين وأميركا متداخلين تماما. فبينما نركز على 11 سبتمبر والعراق، أصبحت الصين وأميركا، في الاطار الاقتصادي، توأمين سياميين. فالأميركيون ما عادوا يدخرون، وهم يستوردون أكثر مما يصدرون، فيما ظلت الصين مستعدة للحفاظ على معظم الدولارات التي راكمتها، والتي حصلت عليها عبر جميع السلع التي باعتها لأميركا.

مرة أخرى كيف؟ سموا الأمر صفقة تيانانمين ـ تكساس. فبعد مذبحة تيانانمين عقد زعماء الصين اتفاقا ضمنيا مع شعبهم، وفق ما يؤكد ستيفن ويبر، مدير معهد بيركلي للدراسات الدولية، الذي قال :«الصفقة هي أن يتخلى الناخبون الصينيون عن حق الاقتراع لتضمن الحكومة النمو الاقتصادي السنوي للطبقة الوسطى الذي يبلغ معدله 9 في المائة. ويعتمد استقرار الصين السياسي في الوقت الحالي على ذلك الاتفاق».

في المقابل تجاهل فريق بوش ولفترة طويلة العملة الصينية منخفضة القيمة لكي تتمكن الصين من ان تبيع لنا الكثير من المنتجات الرخيصة، وتستمر في السيطرة على دولارنا الرخيص، وتساعد في الحفاظ على انخفاض السعر الاساسي لمعدلات الفائدة. وساهم التدافع لشراء المنتجات الصينية في استمرار تشغيل العمالة الصينية واستمرار قيادتها في السلطة. لقد دخلنا في مثل هذه العلاقة العضوية من قبل مع اوروبا الغربية واليابان خلال الحرب الباردة، ولكنهم كانوا حلفاء وديموقراطيات، ولذا يمكننا تعديل التوازن بطريقة اسهل، ولكن مثل هذا الامر لا ينطبق على الصين.

قلت إن علاقتنا مع الصين مثل علاقة التوأمين السياميين، ولكنها علاقة بعيدة الاحتمال لأننا لسنا متماثلين. وهذه مشكلة، لأننا نحتاج الان الى تعديل الصفقة بين تكساس وتيانانمين. ولذا فهناك العديد من الوظائف وكميات كبيرة من الدولارات تنتقل للصين، بحيث اصبح الامر صعب الاحتمال من الناحيتين الاقتصادية والسياسية بالنسبة لفريق بوش، فيما أصبحنا نريد من الصين اعادة تقييم عملتها ورفع قيمتها بالمقارنة بالدولار، بحيث تشتري الصين كميات اكبر من الولايات المتحدة ونشتري كميات اقل منها.

ولكن احتياطي النقد الاجنبي الصيني بلغ الان 750 مليار دولار ويقترب من تريليون دولار ـ معظمه مستثمر في سندات الخزانة الاميركية. وإذا ما اجبرت واشنطن الصين على اعادة تقييم عملتها، وبالتالي تخفيض قيمة الدولار اكثر، فإن احتياطات الصين من الدولار ستتعرض لضربة كبيرة ـ لا سيما ان معظم الخبراء يشيرون الى ان الامر يتطلب تخفيض قيمة الدولار ما بين 30 و 40 في المائة مقابل العملة الصينية ليؤثر على التوازن التجاري، ولذلك تداعياته الأخرى بالطبع.

ويقول بروفيسور ويبر: «اذا ما انخفضت قيمة الدولار وزاد السعر الاساسي للفائدة، فقد يؤدي ذلك الى ركود اقتصادي او انكماش مع تضخم في اميركا، ولكن اذا ما ارتفعت قيمة العملة الصينية بنسبة كبيرة وبسرعة وزادت البطالة، فإن ذلك يمكن ان يؤدي الى ثورة ضد الحزب الشيوعي... ربما ننظر الى سياستنا المتعلقة بالدولار على انها سياسة تعديل السوق، ولكن يمكن ان ينظروا اليها كمحاولة لتغيير النظام». وكما قلت فإن القضية ليست قضية شركة يونوكول. القضية الحقيقية هي اننا دخلنا علاقة عضوية مع قوة كبيرة اخرى ليست ديموقراطية ولا تعتبر سوقا حرة. لقد أصبح كل منا معتمدا على تلك العلاقة. الولايات المتحدة من اجل المنتجات الرخيصة والقروض الرخيصة، والصين من اجل معدلات التشغيل العالية واستقرار النظام. وعلينا الآن تعديل الصفة في جوهر تلك العلاقة. وقدرتنا على تنفيذ ذلك بطريقة سلسلة، وبدون زعزعة الاستقرار في بكين او الاقتصاد العالمي، وذلك هو الحدث الجيوسياسي في العام الحالي.