باسم الشعب لا كتابات للصيف

TT

تعودت في مثل هذا الوقت من كل عام ان اقدم لجنابكم «كتابات للصيف». هذا الصيف اعتذر عن الكتابات الخفيفة وذكر او وصف عيني الصيدلية الزرقاوين مثل المتوسط في شارع «انتيب». انه صيف مقلق. ويذكرني ذلك بقصيدة ناظم حكمت التي كتبها الى زوجته من السجن: «تعودنا، الرفاق وانا، ان نشتري لك كل اربعاء باقة من البنفسج. هذا الاربعاء اشترينا بها خبزا».

في هذا الصيف ظلال كثيرة. وناشرو الحداد في هناء العالم لا يستريحون. ولا بنفسج. ولذلك سأعود الى دفاتر المهنة المكدسة في الذاكرة رابضة على كل شيء، كأن لا شيء ولا احد سواها. وسوف اعدد الاسماء التي ملأت عليَّ حياتي، شئت ام ابيت. كل يوم علي ان ابحث عنها. وان اتابعها اكثر مما ألاحق، ايام الشباب، صبية يممت شطرا آخر بعدما تيمت الداعي لكم بطول العمر. كل مهنة تنتهي بانتهاء دوامها، الا الصحافة، فهي خارج المكتب اكثر مما هي في الدوام. وهي تقريبا في دقة الحكم. فإن انت ارضيت انت اغضبت. وان لم ترض ولم تغضب فأنت اخفقت. وان انت اضحكت الناس طويلا فقد تهتكت. وان كنت صارما عابسا طوال الوقت اللّهم نجنا من الثقلاء.

وضعت لهذه السلسلة عنوانا عاما «باسم الشعب» لأنني تأملت في ما قرأت وما عشت وما شاهدت ورأيت ان الرجال يصرون على انهم يحكمون باسم الشعب. يجوعون الشعوب ويذلونها ويدفعونها الى الحروب الخاسرة ولا يفارقون الكرسي الا الى دنيا الحق. ولكن دائما باسم الشعب. في حين ان الذي يحكم باسم الديموقراطية يقضي ولايتين او ثلاثا ويذهب الى بيته. كانت مارغريت ثاتشر اهم مغيِّر في حياة بريطانيا في زمن السلم. وبعد عشر سنوات ارسلت الى بيتها. وفي رأس السنة الماضية تلقت اربع بطاقات معايدة، اثنتين منهما، من ابنتها وابنها. وبعد عشر سنوات ذهب ديغول الى قريته وانصرف الى وضع مذكراته. وفي روسيا حكم لينين حتى الموت. واغتال ستالين جميع معارضيه وحكم حتى الموت. وحكم خروشوف حتى خلع. وحكم بريجنيف حتى الموت. واندروبوف. وقسطنطين تشيرننكو. وخلع بوريس يلتسين ميخائيل غورباتشوف. ثم خلع نفسه بعدما ثقب الفساد والفودكا كل مسامه.

من منا يعرف اسم رئيس وزراء الصين اليوم؟ لا أحد، ليس الامر مهما على الاطلاق. لكن طوال دهر حكَم ماو الصين باسم الشعب. وسمى صحيفة البلد الشعب. وخاض اشرس الحروب وظل اسم الساحة الكبرى في بكين ساحة السلام الآمن ان تيان من. لقد قضت ظهور الشعب في العالم الثالث. وبأمر من رجل واحد مات الملايين. وحكم الرجل الواحد حتى الموت.