وكان شفاؤهم الماء ولا يزال!

TT

الطبيب لا يمزح معك إذا قال: اشرب كوبا من الماء، ثم بعد لحظات يطلب إليك: كمان كوب من الماء!

إنه يقرر حقيقة علمية وهي حاجة الإنسان إلى الماء، زجاجات من الماء، وليس من السوائل، إذا أردت أن تنام إذا أردت أن تخفف الضغط أو التوتر، اشرب الكثير من الماء.

وكنت أندهش ونحن نزور بيوت أبناء الريف في الصين، ويشيرون إلينا أن نجلس وبعد لحظات يقدمون لنا أكوابا صغيرة بها سائل دافئ لا طعم له، وكنت ألاحظ أن هؤلاء الريفيين ليس على وجوههم أي معنى، لا ترحيب، ولا ضيق، وإنما استسلام للأمر الواقع، والأمر الواقع هو أن عددا من السياح قد هبطوا عليهم، ومعهم مرافق دائم الابتسام هو الذي يقودنا ويقرر ويكرر ويدعونا.

ولم نسأله عن هذا الشراب، بعضنا قال انه شاي أخضر خفيف جدا، وهو يقول خفيف لأن به رائحة الشاي، وهذه الرائحة ليست في السائل الدافئ وإنما في الكوب، فالذي قدمه هو ماء دافئ والأثرياء يضعون في الماء سكرا أو عسلا وبذلك يكون تأثيره أقوى، في تهدئة الأعصاب واسترخاء العضلات والنوم إذا أردت. وفي تعبيراتهم أن فلانا فقير لدرجة أنه لا يجد الماء لضيوفه!

بعض الناس يخاف من تناوله للماء الكثير أن يجعل له كرشا، غير صحيح، أن الماء يزيد الوزن ـ غير صحيح ـ فجسم الإنسان كأنه حوض من الماء وفي هذا الحوض ما لا نهاية له من الكائنات المجهرية، فأكثر من نصف وزن الإنسان ماء، وهو الموجود في الدم وفي العرق والضروري لكل التفاعلات الكيماوية، وفي هذا الحوض توجد البكتريا والميكروبات التي تعيش فينا وعلينا، وفي الماء كل المعادن الحيوية، مثلا يوجد بالجسم الإنساني كمية من الفوسفور تكفي لصناعة ثلاثمائة عود كبريت، وفيه من الحديد ما يكفي لصناعة مسمار طوله عشرة سنتمترات.

وقد كان بقراط الحكيم سابقا لزمانه بألوف السنين، فكان إذا ذهب لعلاج أحد سأل: ماذا يأكل وماذا يشرب ومن أصدقاؤه ومن أعداؤه ويسأل عن آخر مرة تشاجر فيها مع زوجته أو أمه أو أولاده.

وكان يضع على جواره إناء به ماء وكان يوهم الناس بأنه قد أذاب الكثير من الأملاح السرية، وعرفوا فيما بعد أنه لم يكن يقدم إلا كثيرا من الماء وكان يلقي بالماء خارج البيت فكانوا يقولون: إنه أراد أن يحتفظ بالسر لنفسه.

ولم يكن سره إلا الماء القراح!