كرة وأفكار

TT

منذ بضعة أسابيع احتفل السعوديون بتأهل منتخبهم الوطني الأول لكرة القدم لنهائيات بطولة كأس العالم التي ستقام العام المقبل بألمانيا. وكأس العالم هي إحدى أهم المناسبات الكبرى قاطبة مثلها مثل دورة الألعاب الاولمبية وغيرها من المحافل الهامة.

وقد كانت بطولة كأس العالم مناسبة مهمة لأكثر من دولة لتقديم رسالة ما أو وجه جديد للعالم بأسره والذي يتابع باستمرار أحداث ومجريات هذه البطولة بأعداد متزايدة وبشكل ملحوظ. فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اعتبرت بطولة كأس العالم، التي جرت وقائعها بانجلترا عام 1966 وجمعت في المباراة النهائية البلد المضيف ضد ألمانيا، اعتبرت هذه البطولة بمثابة الإعلان الصريح لانضمام ألمانيا إلى حلفاء أوروبا والى دول العالم الأول.

كذلك استغلت بطولة كأس العالم في الأرجنتين عام 1978 لإعلان حالة تصالح وطني بين الأرجنتينيين، وفي فرنسا وتحديدا خلال بطولة عام 1998 استغلت كرواتيا هذه البطولة لتقديم نفسها للعالم كدولة سلام خرجت بسلام من كهوف الحرب الأهلية اليوغسلافية التي قسمت الدولة السابقة، وبعدها أطلقت كرواتيا حملة تسويقية كبرى للترويج عن نفسها كوجهة سياحية واعدة في العالم.

واليوم سيِشد السعوديون رحالهم إلى ألمانيا وسيكونون محط أنظار العالم هم وسائر الدول المشاركة في هذا الحدث الرياضي الأكبر لمدة تقارب الشهرين، فما الذي سيواكب هذا الحدث على ارض ألمانيا قلب الحضارة الأوروبية وشريكة الزعامة الأوروبية مع فرنسا؟

هناك «حسن ظن» واضح من قبل الحكومة الألمانية للسعودية والسعوديين مطلوب استغلاله ثقافيا وفكريا واقتصاديا بشكل جديد وفاعل عبر برنامج مدروس وقابل للتطبيق وقابل أيضا للتقييم، مع العمل على دراسة توجيه الموارد المالية المخصصة إلى الجهات المناسبة.

هناك العديد من الأفكار التي من الممكن القيام بها خلال مناسبة كهذه تظهر جوانب مضيئة في مسيرة الإنسان السعودي وتنمية بلاده; محاضرات للدكتور عبد الله الربيعة وإنجازاته في فصل التوائم.. ندوات للدكتورة سهام أبو الجدايل وإسهاماتها في مجال الخلايا الجذعية. هذا في المجال العلمي. ألا يمكن ترجمة بعض الإصدارات الأدبية السعودية للغة الألمانية مثلا؟ ويضاف لذلك إصدارات فنية سعودية مع ترجمة ألمانية لمفرداتها أيضا. قصص نجاح لرجال وسيدات سعوديين في مجالاتهم أيا كانت. هذه مجرد أفكار لحسن استغلال مناسبة بأهمية كأس العالم، وبتحقيق هكذا برنامج سيكون للرياضة معنى آخر وظل غائب عنا وهو التواصل الحضاري بين شعوب العالم لعله بذلك يساهم في ردم الهوة الثقافية الموجودة بيننا وبين الآخرين ومد جسور الثقة معهم.

[email protected]