اختبار الحرية

TT

الأسابيع القادمة في مصر هي بحق اختبار مهم، اختبار تمر به مصر والمصريون جميعاً، اختبار للأحزاب والقوى السياسية المختلفة، على أساس نتائجه تتحدد الكثير من ملامح المستقبل القادم.

التحديات المطروحة في هذه المرحلة متعددة، ليست فقط تحديات الانتخابات الرئاسية القادمة، بل أيضاً تحديات المخاطر التي تتهدد مصر، تحديات ارهابيين هدفهم ترويع الوطن وهز دعائم الدولة، وتحديات تتعلق بسياسة خارجية في وسط متغير متبدل، أحد المخاطر التي تتهدد مصر هي تلك المحاولات المستمرة لتحجيم وتقليص الدور المصري. ولذلك ليس بعيداً عن أجواء الاختبار أيضاً نجاح القمة العربية المزمع عقدها في شرم الشيخ، أو الانسحاب الاسرائيلي من غزة ودور مصر في هذا الانسحاب وفي الفترة التالية له، سواء على الحدود أو في غزة، المخاطر هنا تتمثل في ذلك الرهان وتلك الرغبة في افشال وإعاقة هذا الدور، أو بحد أدنى التشكيك فيه.

أيضاً من بين الاختبارات المهمة تلك المرحلة القادمة والسابقة لانتخابات الرئاسة، وفترة الدعاية للمرشحين الرئاسيين، ثم الانتخابات الرئاسية ذاتها.

الرئيس مبارك أعلن الخميس الماضي عن عزمه ترشيح نفسه، وسبقه في ذلك عدد من رؤساء الأحزاب، ويتوالى خلال الأيام القادمة عدد آخر من أحزاب أخرى، حيث يتوقع أن يصل العدد إلى حوالي عشرة مرشحين، التحدي هنا ليس مزدوجاً، ولكنه متعدد الاتجاهات، هو تحد على مستوى الدولة ومستوى النظام الذي عليه أن يثبت أنه نظام لكل المصريين بكل اتجاهاتهم يتعامل بمنطق فيه قدر عال من التوازن والموضوعية والشفافية، هذا الاختيار سوف يبدو من خلال الممارسات الادارية ومدى النجاح في الفصل بين الحزب الحاكم وبين النظام الذي يحكم، المستوى الآخر للتحدي يقع على عاتق الاعلام الذي يعد سلوكه وتناوله وحياده، أحد العناصر المهمة في تقييم نجاح التجربة ـ ليس التقييم الدولي ولكن الأهم التقييم الشعبي ـ أي ببساطة تقييم الناس، تقييم دافعي الضرائب التي يعتمد عليها الاعلام في ميزانيته.

الحياد هنا ليس مقصوداً به الحياد السلبي بمعنى التوقف أو الامتناع عن تقديم الصورة الحقيقية للمجتمع وانما هو الحياد الايجابي الذي يضمن نقلاً موضوعياً وحقيقياً للواقع السياسي الذي تمر به مصر في هذه المرحلة ، في ذات الوقت تقديم قدر واضح من الالتزام بالتعامل المتوازن في مساحات الاهتمام والإبراز والوقت لمختلف المرشحين.

الاتجاه الآخر في هذه التحديات يقع على عاتق القوى السياسية التي قررت المشاركة في الانتخابات أو التي قررت مقاطعة الانتخابات، لا أشكك في صدق نوايا أي من هذه القوى في أنها تجتمع على أرضية واحدة، أساسها الرغبة في خلق حالة ديموقراطية مصرية حقيقية، تختلف الرؤى ويبقى الهدف، لذلك فإن الخطاب السياسي المستخدم، والذي سوف يستخدم في المرحلة القادمة، سيكون قاطعاً في امكانية المرور ـ ليس بسلام ـ ولكن بنجاح إلى مرحلة خلق التجربة الليبرالية المصرية.