قمة العرب.. الظروف الراهنة!

TT

حتى لو عقد العرب قمتهم في شرم الشيخ فإنها لن تكون أكثر من اجتماع شكلي لن يقدم ولن يؤخر في ظل الأوضاع العربية الحالية.

أطرف ما سمعناه من تبرير لعقد القمة هو ان المنطقة تمر بظروف «استثنائية»، وان «الظروف الراهنة» تستدعي الاجتماع والتشاور، ولو عاد أي مواطن عربي، له حد أدنى من الذاكرة، الى الوراء فسيجد ان كل القمم العربية عقدت لمناقشة «الظروف الراهنة».

والسؤال: متى كان العرب يعيشون ظروفا غير استثنائية ؟ والى متى نكرر ان الامة العربية تعيش في ظروف استثنائية وظروف خاصة ونحن منذ خمسين سنة لم نفعل شيئا سوى الاجتماعات لمناقشة «الوضع الراهن» والاستثنائي والخطير الذي تمر به الامة العربية !؟

الوضع العربي الراهن والاستثنائي هو صناعة عربية 100%، انه نتيجة تراكمات سنوات من اللامبالاة، وغياب الارادة الحقيقية للاصلاح، وغياب الادارة الراغبة بالاصلاح وبالتنمية.

لقد خاض العرب معاركهم ضد اسرائيل وكانت النتائج مأساوية. فالأمة التي تدخل الحرب بالشعارات والأغاني الحماسية لا تكسب معركة، والعرب حاربوا بعضهم بعضا بطريقة وحشية، بل ان اكثر من ست دول عربية شهدت حربا اهلية داخلية بعضها ما زال ينزف. والعرب صرفوا مليارات الدولارات على الجيوش واهملوا المدارس والجامعات والمستشفيات. والجيوش العربية قامت بانقلابات عسكرية تحت شعارات كاذبة أفقرت الامة وسلمت ما بقي من ارضها لعدوها!!

الوجود الاميركي في العراق سببه الصمت العربي عن صدام حسين وجرائمه، بل وتبريرها، حتى أفقرَ البلاد والعباد ودخلَ في حروب طواحين هواء وخلقَ فراغا لا يمكن ان يملأه أحد. وتعذر السلام وتأخر حصول الفلسطينيين على حقوقهم ليس سببهما فقط سياسات اسرائيل المماطلة والعدوانية، بل ايضا طريقة إدارتنا للمعركة عسكريا وسلميا، وجرائم دارفور تمت بأياد عربية، وقتل المدنيين في طول الدول العربية وعرضها يتم بأياد عربية. والفقر والبطالة والاحباط سببها سياسات عدد من الدول العربية التي تتصرف بدون شعور بالمسؤولية! فهل بعد كل ذلك نتحدث عن قمة عربية لبحث الظروف الراهنة، والاستثنائية!؟