المسلمون والغرب: إعلام مقابل إعلام!

TT

مجددا، احتدمت المواجهة بين العرب والمسلمين من جهة والغرب من جهة اخرى.

بعد سلسلة الاعتداءات التي ضربت لندن ومصر وما قبلهما وبينهما وربما بعدهما في العراق ومناطق اخرى من العالم تنتظر بين لحظة واخرى ان تطالها هذه الهجمات، كرست الصحافة الاوروبية والغربية معظم جهدها في محاولة لتلبية الرغبة الملحة لدى مجتمعاتها لمعرفة من هم هؤلاء المفجرون والانتحاريون الذين يشعرون بعظمة الدفاع عن دينهم ورفع الظلم عنهم من خلال سفك دماء الآخرين.

تكاد لا تخلو شاشة او صحيفة اوروبية او اميركية من تحقيقات ومقابلات وتحليلات تحاول رسم سير هؤلاء الانتحاريين وتتساءل عن حقيقة الدوافع الدينية التي بررت لهم فعلتهم. انها معادلة عصية على الفهم الغربي. الشبان الذين نفذوا سلسلة تفجيرات لندن والشاب المغربي الذي قتل المخرج الهولندي ثيو فان غوخ ولدوا وترعرعوا في اوروبا التي تعيش اليوم هاجس هذا العدو الساكن في داخلها.

هذه التساؤلات التي تعنينا كعرب ومسلمين في العمق تبدو وكأنها تدور حول نماذج بعيدة عنا، فالتماس الحقيقي بين المشاهد والقارئ العربي مع سير هذه النماذج المتطرفة غالبا ما يكون عبر الاعلام الغربي والصور التي نراها في اعلأمنا وصحافتنا هي صور سريعة ضبابية.

ففي عقلنا الصحافي ورغم الادانة الظاهرة لما جرى الا اننا نتعامل مع اشكالية انتماءات هؤلاء الانتحاريين وكيفية تجنيدهم بحذر غالب يصل الى حد التواطؤ.

لا مفر من محاولة رسم صورة اجتماعية وسياسية للارهابيين الجدد بعيدا عن منطق رد الفعل. انها مهمة معني بها الاعلام العربي، فنحن لن نبدأ ولن نشفى من التصاق صور هؤلاء الشبان بنا من دون رسم هذه الصور.

هؤلاء الشبان هم ابناء ثقافتنا وقيمنا شئنا ذلك ام ابينا، ولم يعد يجدي القول انهم ضلوا السبيل لنعلق براءتنا منهم.

العمليات الانتحارية والشعارات الجهادية جعلت الصحافة والاعلام العربيين في حال تردد ازاء التوغل في اشكالية نحن المعنيون الاول بها.

فكما تطرح الصحافة الغربية تساؤلات حول ما اذا كان الانتحاريون اوروبيين ام مسلمين، فعلينا نحن في المقابل ان نسأل عن مدى مسؤولية ديننا وثقافتنا في انتاج هؤلاء!!

فالانكفاء السريع اثر كل انفجار وراء صورة المسلم والعربي الصحافية من خلال استصداح شخصيات اسلامية وعربية في اوروبا واميركا لم يعد يجدي، وما لم نراجع انفسنا ستبقى شاشاتنا وصحافتنا تتصدرها شخصيات يقولون ان هجمات لندن هي هزيمة لقوى عظمى. هذا الكلام المتداخل مع ادانة عابرة للتفجيرات مر من دون مساءلة من قبل اصحاب المنابر المفتوحة له.. فاعلأمنا لا يضع ضمن مهامه الرد على كلام من هذا النوع وهو كلام يشكل تهديدا جديدا للجاليات العربية والمسلمة في الغرب.

هناك تماه واضح بين فشل المجتمعات العربية والاسلامية في ضبط المتطرفين من ابناء جلدتها وبين فشل الاعلام العربي في رسم صورة واضحة للمشكلة، فكما ترك للحكومات الغربية مهمة معالجة العنف الاصولي يبدو اليوم ان الصحافة العربية قد تخلت عن المهمة نفسها لصالح الاعلام الغربي.

[email protected]