دول الخليج.. إعادة قراءة للوضع

TT

هناك ما يشبه الإجماع بين مراكز الدراسات الاستراتيجية بان منطقة الخليج تزداد أهميتها الاستراتيجية بشكل غير مسبوق.

هناك زيادة كبيرة في الطلب على النفط وخاصة من الصين، وحتى من المستهلكين التقليديين، وهناك ما يسمى بشيخوخة المكامن النفطية في العديد من الدول المنتجة ، على عكس الحال في منطقة الخليج، حيث ما زالت معظم الحقول الرئيسية في وضع جيد إلى جانب اكتشافات نفطية جديدة.

العالم باختصار لن يعيش بسلام من دون استقرار منطقة الخليج ، واستمرار تدفق النفط من دون مشاكل لكل دول العالم. وأسعار النفط ستستمر في الارتفاع على المدى القريب والمتوسط، وكل هذه المسائل تستحق القراءة الواعية. إنها تعني تقارب السياسات الأمريكية والأوربية وخاصة في قضية الأمن في دول الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج، وفي قضية الإرهاب ، لان المتضررين في النهاية من أية هزات او مشكلات هي الأسرة الدولية كلها.

ومن هنا فإن الطرح الساذج الذي يتحدث عن إمكانية انسحاب أميركي قريب من العراق ، هو طرح لا يدرك الأهمية الكبرى لاستقرار المنطقة، والولايات المتحدة لا يمكن أن تنسحب من العراق ، دون تحقيق الحد الأدنى المطلوب من الاستقرار، في ظل حكومة عراقية قادرة على الإدارة، وأميركا يمكن أن تضحي ببعض أبنائها في الحرب في العراق، ولكنها لا يمكن أن تضحي باستقرار العراق والمنطقة.

الزيادة المستمرة بأسعار النفط هي بالتأكيد خطر على الاستقرار الاقتصادي والسياسي للعالم، وواضح أن الدول الفقيرة بدأت بدفع فاتورة سياسية باهظة ، بسبب اضطرارها إلى رفع أسعار البترول والمحروقات التي أصبحت تستهلك جزءا كبيرا من دخل هذه الدول، وإذا استمر الارتفاع في أسعار النفط ، فإن الدول متوسطة الحال ستجد نفسها في نفس المشكلة، والأمر ينطبق على الاقتصاد العالمي ، الذي ربما يشهد أزمات جدية. وعلى المنتجين الخليجيين تحديدا إعادة قراءة سياسية واقتصادية لسياسات الطاقة. والانتباه الى أن هذه المنطقة تعيش حالة تورط متبادل ، بينها وبين الدول المستهلكة ، وهي دول كبيرة. وعلى دول الخليج إدراك حجم المسئولية الكبيرة التي تتحملها، كلما زاد الاعتماد على النفط الخليجي.