غوص

TT

يتذكر السعوديون جيدا صورة أمير الفضاء سلطان بن سلمان وهو يرتدي بدلة الفضاء الخاصة على رحلته المشهورة ضمن طاقم مكوك الفضاء ديسكفري، والآن يشاهده أبناء بلاده وهو يرتدي بدلة الغوص مشاركا في حملة بيئية لإزالة نفايات ومخلفات مختلفة من البحر الأحمر. وقد نتج عن اليوم الأول فقط إزالة ما يقارب ثلاثمائة وخمسين طنا من مختلف النفايات.

وجاءت مشاركة الأمير سلطان بن سلمان ضمن فريق من المتطوعين من الشباب الذين أقدموا على عمل جماعي مفيد لمدينتهم بشكل حضاري جميل. غير أن بعض الصحف ذكرت أن الحاضرين والمشاركين فوجئوا بأحجام وكميات أعمال السحرة والدجل والشعوذة التي ألقيت في البحر وتم إخراجها ضمن حملة التنظيف الأخيرة هذه.

وإذا كانت أعمال السحر والشعوذة هذه مزعجة، فان «الشعوذة» الإدارية تزعج بشكل أكبر. فلعل أحد أهم إنجازات الأمير سلطان بن سلمان الإدارية في دوره كأمين عام الهيئة العليا للسياحة هو إجراء اتفاقات الشراكة ما بين الدوائر الحكومية المختلفة لتحسين التعاون والتنسيق وإقلال الضرر الذي قد ينتج. وما شوهد في البحر من نفايات وخراب هو دليل على «الشعوذة الإدارية» فأرتال القمامة وما سكب من صرف صحي (الذي تمضي السنون بدون محاسبة المسؤول عن مهزلته بجدة للآن!) وهو حتما دليل على تخبط ما بين الأمانة ومصلحة البيئة والصرف الصحي وغيرهم. وما حدث في البحر يحدث في البر بين مختلف الجهات والإدارات منه ما هو بصورة واضحة ومنه ما يحدث تدريجيا ولكنه يتسبب في نفس الضرر.

والتجربة التطوعية هذه تكشف «قصورا» طال التحدث عنه فيما يخص العمل التطوعي الشبابي، فلفترة اقتصر العمل التطوعي على نشاطات «محددة» وبعينها بدون مراعاة المصلحة العامة والتي فيها منفعة للناس. أين كوادر التعليم والمدارس عن تنظيم حملة «شبابية» ينظف فيها الشبان جدران الحوائط التي ملئت بالرسوم والكتابات الغريبة، وذلك مثلا برعاية ومشاركة إحدى شركات الدهانات المحلية؟ أين الجامعات عن تنظيم حملات نظافة للحدائق العامة الموجودة في مدنها؟ وهناك بطبيعة الحال مجموعة أخرى كبيرة من الأمثلة التي من الممكن القيام بها.

التجربة المهمة لحملة تنظيف البحر تفتح الحديث عن مواضيع مختلفة منها ما هو خاص بالعلاقات ما بين الدوائر الرسمية الإدارية المختلفة ومنها ما يتعلق بتطوير العمل التطوعي، وكلا الموضوعين لهما من الأهمية والضرورة الشيء الكثير مما يستوجب التحرك فيها في اقرب وقت.

[email protected]