هداية سلطان السالم

TT

بحثت هداية سلطان السالم منذ البدء عن مساحة خلف الممكن او المألوف. فلم يكن معتاداً في الستينات ان تكتب المرأة الكويتية كما شاع واتسع فيما بعد، لكنها حاولت دخول غمار الكتابة وهي تحمل اسم عائلة لا يحتاج الى تعريف: السالم، وسحرها عالم النشر فلم تتوقف عند المحاولات الكتابية الوجدانية بل رأت في الاصدار طريقاً الى الشهرة والى الحضور الاجتماعي وسبيلاً للعيش. الا انها اصطدمت بعائق أساسي هو حصر الامتيازات الصحافية في القانون الكويتي، فقد خشيت الدولة ان هي فتحت باب الاصدارات ان يحدث في الشويخ ما حدث في بيروت فلا يعود هناك مبنى من دون جريدة تصدر فيه، ولذلك حددت، دون اعلان، عدد الصحف السياسية وعدد البنوك، ولم تعدم هداية سلطان السالم الوسيلة.

جاءت الى سوق بيروت واشترت فيه امتياز مجلة اسبوعية متوقفة عن الصدور تدعى «المجالس المصورة». واخذت الامتياز من لبنان واذناً بالطباعة في الكويت، وبعد حين نسي الكويتيون، او اعتادوا، وجود «المجالس» بينهم وكأنها مجلة كويتية، لكن صاحبتها لم تعط المعاملة التي كان يلقاها الصحافيون الكويتيون من رؤساء التحرير: لا ترافق الامير او ولي العهد في زياراتهما الرسمية، ولا تتمتع بالاعفاءات والامتيازات، غير انها ارتضت الهوية الكويتية برفع الالوان ولو لم يسمح لها برفع الاعلام. وفي المراحل الاولى حققت «المجالس» نجاحاً مادياً واضحاً، واصبح لها دارها ومطبوعة رياضية تدر الدخل، غير انه كان من الصعب في بلد صغير مثل الكويت استمرار نجاح مجلة اسبوعية وسط خمس صحف تصدر باربعين صفحة يومياً ومع كل واحدة منها ملاحقها التي لا تحصى، ،لم تستطع ايضاً العثور على الحيز السياسي الذي سعت اليه اول الامر، في مواجهة الصحف الوطنية التي لا تكف عن التنافس اليومي.

حرمت هداية سلطان السالم ايضاً من وفرة الاعلان الذي يذهب طوعاً الى الصحف الكويتية في أغلب الحالات، ولو بنسب متفاوتة، ولذلك كان طبيعياً ان تواجه بعد الغزو مأزقاً في المداخيل، فقد اصطدمت «المجالس» بواقع كونها غير كويتية وغير لبنانية وغير خليجية الانتشار، وفي غياب المداخيل الكافية او الفائضة لم تستطع ان تضخ في المجلة تجدداً صحافياً يعينها على فرض وجودها في سوق التوزيع او الاعلان.

من المؤكد ان السلطات الكويتية سوف تعثر على قاتل او قتلة هداية سلطان السالم، مهما كانت دوافعه او ذرائعه او اسبابه، فالمجتمع الكويتي لا يستطيع ان يتحمل الجريمة، سواء كانت سياسية او شخصية او ثأرية، والامن الكويتي لا يستطيع ان يتساهل تجاه اي ثقوب او ثغرات لانه يعرف ان النتيجة سوف تكون تحول الثغرة الى خرق في الثوب الوطني، وكانت السلطات قد كشفت بسرعة الذين حاولوا اغتيال النائب عبدالله النيباري وزوجته، وهذه ثاني جريمة مسلحة ترتكب خلال زمن قصير، والمعني هنا بالجرم هو الدولة اكثر من آل الضحية او جمعية الصحافيين التي سارعت الى الاستنكار، فقد كانت هداية سلطان السالم اول صحافية كويتية بالمعنى المتعارف عليه، ليس كناشرة وانما كسيدة عاملة، بدأت طريق الكتابة من اوله، وفي نهاية الطريق امتدت اليها يد الجريمة، وهي بشعة في كل حال.