الملك عبد الله والسعودية

TT

السؤال الذي يطرح اليوم، بعد تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز عرش الحكم في بلاده، كيف ستكون السياسة السعودية حيال القضايا الاستراتيجية؟ ما هو موقفه من العلاقات العربية، وقضايا العرب؟ ما هو موقفه من الغرب؟ وما هو موقفه من الإصلاح؟ وهل سيلبي رغبة أميركا في هذا الشأن؟

أسئلة يتم تداولها في وسائل الإعلام العربية والغربية، منذ إعلان الملك عبد الله ملكا على السعودية. والمتابع لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، في جل القضايا، ومنذ كان وليا للعهد، يستطيع أن يرى أن الإجابة عن تلك الأسئلة أمر هين، والسبب وضوح الملك عبد الله وصراحته.

فعند الحديث عن عبد الله بن عبد العزيز والقضايا العربية، يكفي أن يذكر المرء بأن أحد أعقد الملفات السياسية، بين دولة عربية وأقوى دولة في العالم، أي أميركا، كان ملف قضية لوكربي الذي أقصى ليبيا عن المجتمع الدولي. وكان الملك عبد الله هو من حمل هموم ذلك الملف، حتى تم حله، وكان يومها وليا للعهد.

في إحدى القنوات الفضائية العربية، سئلت: وماذا عن القضية الفلسطينية؟ قلت إنه يكفي أن نذكر باللقاء التاريخي الذي عقد بين الملك عبد الله، حين كان وليا للعهد، والرئيس الأميركي جورج بوش الابن في مزرعة كروفورد بعد أحداث 11 سبتمبر، ويومها كانت الأجواء من التوتر بين البلدين إلى درجة لن ينساها التاريخ. لم يغفل الملك عبد الله قضية فلسطين، وليت كل ما يعلم يقال، فحينما كان الحديث من قبل الأميركيين عن أسماء فلسطينية، كان الرد من الجانب السعودي: نحن نحرص على قضية لا أسماء بعينها!

ويكفي أن نذكر بأن الملك عبد الله، هو من طرح المبادرة العربية في قمة بيروت من أجل السلام، وحينها قال لي عضو وفد أميركي زار الرياض، قبل أحداث سبتمبر، إن تلك كانت قناعة الملك عبد الله، وكان ولي عهد حينها، وإنه أخبر الوفد انه لا بد من مبادرة بتلك الأفكار. فلم تكن مبادرته بسبب 11 سبتمبر. وهنا يتضح انه رجل سلام، لكن لا ننسى أنه الزعيم الذي أرسل رسالة شهيرة لواشنطن تمس صميم العلاقات السعودية ـ الأميركية، وذلك كله من اجل فلسطين. ويكفي موقفه بالأمس حول لبنان، وما استجد فيه بعد استشهاد الراحل رفيق الحريري، وموقفه الواضح حول تصميم السعودية على ضرورة محاسبة الجاني. فالملك عبد الله معروف عنه القدرة على الحسم أيضا.

أما الحديث عن الإصلاح، فكثير ممن يتحدثون عن الإصلاح اليوم، يربطونه بالرغبة الأميركية، حيث يخلطون الأمور، وهذه المشكلة، فيظهرون الإصلاح على انه رغبة أميركية، وينقسمون بين راغب فيه ورافض له، كل حسب موقفه من واشنطن، متجاهلين احتياجات السعودية نفسها. والحقيقة هي أن من يعود إلى خطاب الملك عبد الله منذ كان وليا للعهد، ومن 1998 تقريبا سيرون انه خطاب إصلاحي صرف. فهو الذي تكلم في المنطقة الشرقية عن المرأة السعودية، وحينها قال إنه لا يقبل أن يعتقد العالم بأن السعودية لا تحسن التعامل مع بناتها وأخواتها. وهو الذي زار أحياء الفقراء ليعلن عن واقع لا بد من مواجهته.

وهو الذي يخوض حربا ضد الإرهاب، فجميعنا سمعنا صريح خطابه، وهو يكرر القول بأن الحرب على الإرهاب لن تقف، ولو بعد ثلاثين عاما. والملك عبد الله هو الذي نادى في خطابه الشهير في إحدى القمم الخليجية، بأن عصر الطفرة قد ولى!

إذن الرؤية واضحة، والمواقف لها تاريخ، وان استجدت أمور.

[email protected]