فما أطال النوم عمراً!

TT

لا أعرف إن كان يسعدني أو يشرفني أو يخفف عني أن يكون هؤلاء زملائي في الأرق: الرئيس جونسون ونابليون وفرويد والموسيقار حرشوين والملاينيير هيوز والفيلسوف نيتشه والشاعر بتراركه ويوسف وهبي، والأرق أنواع: ألا ينام إلا بعض ساعة مستعيناً بالحبوب المنومة أو بالمهدئات من المشروبات.

وهناك الأرق الجاف، أي الذي تصاب فيه العينان بالجفاف، ويخيل إليك أن العين سوف تسقط من مكانها لأنها تتحرك بصعوبة كأنها تصطدم بشيء سوف يقلعها.

وهناك الأرق بالأيام كأن لا تنام يوماً أو يومين ويرهقك أكثر أنك تحاول أن تنام، ولكن النوم عزيز المنال ـ كما تقول الأغنية.

أنا لا أعرف بالضبط أي هذه الأنواع ينطبق على حالي، فمثلاً إذا حدث ونمت في السيارة في طريقي إلى البيت، دقيقة أو دقيقتين، فمعنى ذلك أنني لا أنام حتى الصباح فقد أنفقت وبددت كل رصيدي من النوم في دقيقة واحدة، تماماً كما تنفق كل ما في جيبك على سلعة واحدة وتعود خالي الجيوب تماماً!

لا بأس، ولكن من النادر أن يحدث ذلك!

وفي مذكرات الزعيم العمالي هارولد ويلسون يقول: رئيس الوزراء الناجح هو الذي عنده إحساس بالتاريخ وينام ملء جفونه فقد استراح ضميره!

وكان السادات يقارن بينه وبين عبد الناصر، فكان يقول: عبد الناصر يضع أمامه أكثر من تليفون ويصحو وينام على نشرات الأخبار، ولذلك ينام بصعوبة بالمنومات ويصحو بالمنبهات طوال اليوم، أما السادات فلا يضع أمامه تليفونا ولا يتابع نشرات الأخبار، فليس في الدنيا شيء مستعجل، ولا شيء يجب أن يصرفه عن النوم!

وكنت أقارن بين الرؤساء الثلاثة: عبد الناصر والسادات ومبارك، فأقول عبد الناصر يجلس وراء مكتبه ومبارك يجلس أمام مكتبه، والسادات يترك المكتب ويجلس تحت شجرة ـ فهو الأهدأ والأعمق نوماً.

ولا يشفي من الصداع واحتراق العينين ما يقوله عمر الخيام:

فما أطال النوم عمراً

ولا قصر في الأعمار طول السهر!