العرب والملك السعودي الجديد

TT

لا يستطيع أن يكون هناك من هو أكثر عروبية من عبد الله بن عبد العزيز، الذي ذهب الى آخر الشوط من أجل ما اعتبره الحق العربي والموقف العربي، الى درجة خاطر بعلاقاته الشخصية والرسمية في مناسبات كبيرة مع الدول الكبرى. هذا الرجل اليوم هو ملك المملكة العربية السعودية، الذي عرفه العرب لفترة طويلة في القيادة شريكا وحاكما واليوم ملكا.

ما الذي يتوقعه العالم العربي من رجل يجلس على موقع من اهم مواقع القرارات السياسية في المنطقة، وموقعه يمكن ان يرسل المنطقة الى جهنم الخلافات، او يدلهم على طريق الحلم العربي. ان تكون سياسته، كما فعل قادة عرب من قبل موجهة للحروب والمواجهات، او ان يعطي المواطن العربي ما كان يحلم به لعقود طويلة، الاستقرار والأمن والازدهار. ان حلم المواطن العربي هو أقل تواضعا من معظم أحلام البشر على الكرة الأرضية، ان يؤمن على نفسه وأهله ويعيش حياة مستقرة، لا يضطر فيها الى الاختفاء او الهرب او الهجرة طلبا لعيش الكفاف.

فوجود شخصية مثل الملك عبد الله بن عبد العزيز، هو تكريس لفكرة العالم العربي المستقر الطامح الى الخروج من عالم عربي مزقته الحروب، الى عالم ينصرف الى توطين الأمن الاقليمي والداخلي، ويهتم بحاجات الانسان البسيطة الاساسية. ان تشجيع القيادات المعتدلة والأنظمة المعتدلة وإشاعة تجربة الحكم المسالمة المنصرفة للتنمية، لا للاقتتال، هو ما تحتاج اليه منطقتنا.

ففي تاريخ السعودية صار كل من كان وليا للعهد ملكا حسب التقليد الملكي، ولم يقفز على الحكم أحد او يأتي من خارجه. انت تعرف من هو الحاكم اليوم، ومن الذي يمكن ان يكون غدا، وهذا هو سر استقرار الوضع السياسي، وبالتالي سر ثقة الناس في حياتهم ومستقبل ابنائهم، وسر استعداد الناس للاحتفاظ بأموالهم في بيوتهم او ايداعها في بنوكهم المحلية، والاستثمار بها لسنوات طويلة مقبلة، مدركين ان النظام السياسي يحترم نفسه والقواعد التي التزم بها.

والملك عبد الله في موقعه اليوم على رأس قيادة دولة مؤثرة كالسعودية، نموذج للرجل الذي يحترم النظام، فقد شهدت له السنوات الماضية انه كان يدير فيها البلاد، ويجلس في المنصب الثاني وليا للعهد، وحافظ على تقديم أخيه الأكبر والملك في حينه. هذه الشهامة والموقف الاخلاقي السياسي والالتزام الشخصي والنظامي، حالة نادرة في المجتمع السياسي العربي، الذي لم يعود نفسه على احترام النظام الذي يقف على رأسه او يقوم بخدمته.

وفي مناسبة توليه الملك، لا بد من القول ان عبد الله بن عبد العزيز رجل تاريخي قبل ان يعلن ملكا، ومن حقنا ان نتفاءل أن عهده سيكون عهد استقرار وازدهار لكل المنطقة، لا للمملكة العربية السعودية وحدها. وجوده سيكون الميزان السياسي الذي يدافع عن المصلحة العربية في الخارج، ويعزز العلاقة العربية من داخلها.

[email protected]