قتلوهم وبكوا عليهم!

TT

الضرورات تبيح المحظورات، أي إذا اقتضى الأمر ارتكبنا كل ما هو ممنوع أو محظور أو حرام، فالضرورات أقوى من كل شيء، ففي الحرب يقتل الجنود زملاءهم الجرحى حتى لا يقعوا أسرى، أو ينسفون أنفسهم حتى لا يقعوا في أيدي العدو.

ويجد الطبيب وأهل المريض أنه لا حل أمامهم إلا الموت الرحيم، أي السماح بقتل المريض الذي يتعذب أمامهم ولا يجدون له شفاء.

وفي محاكمات زعماء النازية في نورمبرج عندما ذهبت زوجة قائد الطيران جورنج للقائه وقبلته أنفذت حبوباً سامة من فمها إلى فمه، وانتحر حتى لا يلقى هوان التعذيب، وبعد وفاة جورنج كانت الإجراءات صعبة جداً على كل من يلتقي بالزعماء الألمان، فلم يبق من كل المحكوم عليهم إلا رودلف هيس الذي ولد في الإسكندرية وكان السكرتير الشخصي لهتلر، والذي استدرجته المخابرات البريطانية فنزل على أرضها يطلب مقابلة تشرشل لعقد صلح بين البلدين، بقي هيس هذا سجيناً وحيداً في السجون الروسية حتى تجاوز التسعين من عمره، لم يمكنوه من الموت!

ومن سنوات حاكمت ألمانيا أحد الذين عزلتهم الثلوج في الجبال، وقد اعترف بأن الجوع دفعه إلى أن يأكل لحم زميل له، وحاكموه وأصدروا حكماً بالسجن سنوات، مع وقف التنفيذ، فالموقف صعب والضرورة لها أحكام ومن أحكامها أن يرتكب الإنسان ما ليس إنسانياً.

وعندما يقع الثعلب والدب في شباك الصيادين، لاحظوا أنه يظل يمزق بأنيابه ساقه أو ساقيه لينجو من الموت، فألغت كندا استخدام الشراك رحمة بالحيوان!

ومن أبشع الصور الإنسانية ما كان يفعله البريطانيون في حرب فوكلاند، فقد كانوا يطلقون النار على زملائهم الذين اشتعلت ملابسهم، لأن ذلك يكشف أهدافهم لقوات الأرجنتين، فكانوا يطفئون هذه النار الكاشفة بقتل زملائهم وهم يبكون، وعند نهاية الحرب اعترفوا وحوكموا مع وقف التنفيذ!