إنجاح الانتخابات المصرية

TT

أيام قليلة تفصل بيننا وبين بدء أول حملة انتخابية لأول انتخابات رئاسية تشهدها مصر، مصر الدولة عمرها 7 آلاف سنة، ومصر الحضارة عمرها يتجاوز هذا الرقم بحوالي ألفي سنة أخرى، ومصر الجمهورية عمرها تجاوز النصف قرن، والآن ـ أيا ما كان التقييم ـ فإن المصريين للمرة الأولى يستمعون إلى أصوات متعددة ومختلفة للمرشحين لمنصب الرئاسة، وقد لا يكون لهم حظ لأسباب كثيرة، ولكنها مقدمة لاختيار المصريين لحاكمهم لأول مرة !

أقوال كثيرة ترددت حول أمر هذه الانتخابات، مثل أنها انتخابات محسوم أمرها، وأن مرشح الحزب الوطني للرئاسة محمد حسني مبارك هو الأوفر حظاً، بل هو الفائز بالمنصب بنتيجة حاسمة، ولكن أيضاً تظل الأهمية الخاصة لهذه الانتخابات بوجود 9 مرشحين آخرين (اثنان منهم يمثلان رقماً مهماً في هذه الانتخابات) وهما ايمن نور مرشح حزب الغد، ونعمان جمعة مرشح حزب الوفد.

التنافس بين هؤلاء العشرة يتيح الفرصة لعرض أصوات وأفكار مختلفة، قد يكون اعتادها المصريون من قبل مستويات أقل مثل الانتخابات البرلمانية أو انتخابات المحليات وانتخابات النقابات المهنية، لكنها المرة الأولى منذ عهد فرعون الذي يراقب فيه المصريون هذا الاختلاف على هذا المستوى.

من الخطأ النظر إلى الحملة الانتخابية القادمة باعتبارها القول الفصل في حياة هذا الشعب وهذه الحضارة العريقة، ولكن هذه الحملة بالتأكيد هي إشارة البدء للتحول المهم في هذه الحضارة وتلك الدولة، ومن هنا فإن الأطراف جميعها مطالبة بأن تتعامل على هذا المستوى وعلى مستوى المسؤولية.

وليست بعيدة عن هذا التطور تلك الإشارات التالية التي تضمنها برنامج مرشح الحزب الوطني للرئاسة حسني مبارك والتي تتضمن الحديث عن تغييرات دستورية أخرى مهمة، وهي تلك التغييرات التي سوف تصل بمصر إلى خلق ذلك النموذج الليبرالي الحقيقي، نموذج يخلق حالة التوازن بين سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، نظام يحدد صلاحيات رئيس الدولة.