دايخ العربي

TT

ينتشر اسم دايخ لدينا في التراث الشفاهي الخليجي خاصة، سمعته مرة في نكتة الرجل الذي ركب طائرة، ووجد المضيفة كل نصف ساعة تسأل الركاب: منو دايخ؟ فيرفع يده وتعطيه دواء للدوخة حتى فارق الوعي، وحين فتشوا بطاقته وجدوا أن اسمه دايخ.

رغم هذا فإنني حين قرأت تحت صورة نشرتها الصحف كتب عليها: المعتقل البريطاني دايخ، أمام طاولة عليها جوازات سفر مزروة في بانكوك، بعد أن تم القبض عليه في المطار، كنت متأكدة أن دايخ هو الوصف المناسب، للمعتقل خاصة أنه بريطاني، لكنني بعد ذلك اكتشفت أن اسمه محيي الدين دايخ، جزائري الأصل.

مما لا شك فيه أن ارهابيا يتم القبض عليه وبحوزته هذا العدد من الجوازات المسروقة لا بد أن يدوخ، ويدوخ العالم معه, لأن هناك، ولا بد، أعدادا مماثلة من الجوازات المسروقة، قد مرقت من الحدود الدولية، إما لمهارة اللصوص، أو بسبب رشاوى وخروقات استطاعت تمريرها.

فالإرهاب، على ما يبدو أصبح صناعة وسوقا مربحة أمام موجة البطالة والجوع وغياب الضمير والعقل، خاصة أننا لم نعدم قادة الفكر الشعبي، ممن يخدرون الضمير الشعبي بتمرير وتبرير حق القتل، «ومن حق الشباب الارهابي أن يفعل ما يفعله، فالحق كله على اميركا واسرائيل!». هذا غير محللي الفضائيات الذين تعودوا على التحليلات الجاهزة بالقول، ان البطالة والفقر هما أسباب الإرهاب في بلد مثل السعودية، والشباب الذين مارسوا الارهاب وتورطوا به لهم العذر في ذلك.

في اصيلة اليوم تجمع ثقافي، حاول أن يطالب بحسم وقوة إصدار بيان يشجب ويستنكر الارهاب ويدينه، لكن بعضا من مثقفيه، الذين لا يريدون مغادرة كهوفهم المظلمة، ليواجهوا مشاكلهم الحقيقية، يصرون على أن ينتموا لفريق (بن لكن) الشهير الذي اخترعه مأمون فندي.

أما الكاتب أمير طاهري فقال، إن محاولة تصنيف الإرهاب إلى إرهاب سلبي وإرهاب إيجابي، إرهاب طيب وإرهاب شرير، لن يقود الأمة العربية والإسلامية إلا إلى الخلف، لكن الدائخين منا ومنهم لن يسمحوا لصوت العقل بالمرور ولا للأسئلة بالنهوض، فأجوبتهم جاهزة منذ سبعمائة عام، وتحديدا منذ أن أحرق العرب كتب فيلسوفهم ابن رشد، وغادروا الاندلس، آخر محطة حضارية خرجوا بعدها من التاريخ! منذ ذلك اليوم والعرب دائخون، وحراس الدوخة من المحللين، والمعلقين وتجار الإرهاب، لا يتعبون يوما من إيجاد سبب يجعل دوختهم تطول وتطول وتطول.

[email protected]

* تحتجب زاوية بدرية البشر من يوم غد وحتى نهاية أغسطس (آب) الحالي، لانشغال الكاتبة بمناقشة رسالة الدكتوراه.