إيران.. حكومة الخيال الروائي

TT

كان الديناصور اقوى الحيوانات في عهده، وكان عملاقا ضخما، يمتلك قوى لا يمكن تخيلها. وقرأنا عنه في الانجيل، مثل اللوياثان. الذي قرأنا عنه في الانجيل، «دعوهم يلعنونه، ويلعنون اليوم الذي خلق فيه»، وقد استخدم توماس هوبس، اللوياثان، عنوانا لكتابه الكلاسيكي الذي ناقش فيه القوى السياسية.

لقد انقرض الديناصور بسبب قوته، كان قويا ولكنه وحيد، وحيد تماما فيما ادت قوته الى انقراضه، لأنه لم يتمكن من التكيف مع البيئة ولا مع العالم.

والديناصور واللوياثان رمزان للقوة، فعلى سبيل المثال كان الاتحاد السوفياتي واحدا من اقوى وأكثر الدول مركزية في العالم. فماذا حدث له؟ والأمر ينطبق على نظام صدام حسين في العراق. لقد فعل صدام حسين كل ما يريده ليس فقط مع العراق ولكن مع الايرانيين والكويتيين. ولكن نظامي الاتحاد السوفياتي وصدام حسين انهارا تماما لعدم قدرتهما على التكيف مع شعوبهما ومع جيرانهما بل ومع العالم.

لقد فشلا في التكيف مع التفسير الحقيقي للقوة.

أضف الى كل ذلك أنهما آمنا بدور خطر، الا وهو البربرية: «القوة حق» واسسا افكارهما على ذلك المبدأ. وارادا خلق الجنة ولكنهما وجدا نفسيهما يخلقان في جهنم.

يقول غارسيا ماركيز في روايته الشهيرة بعنوان «الجنرال في متاهة»، ان المفهوم الرئيسي هو تعريف القوة. ان الرجال الاقوياء مثل ستالين وهتلر وصدام اعتقدوا انه يمكنهم تغيير العالم، ولكن في النهاية كان العالم هو الذي غيرهم. كانت افكارهم ومثاليتهم بعيدة كل البعد عن الواقع. وكانوا يعيشون مع خيالاتهم. ولكن العالم استمر في طريقه.

من هنا أردت القول، ان حكومة ايران الجديدة وقائمة اعضاء مجلس الوزراء التي قدمت الى البرلمان هي قائمة مميزة، فيما كانت الانتخابات التي اجريت في شهر يونيو الماضي مشابهة للغاية للعبة «القط والفأر».

فمن خلال هذه القائمة نلاحظ أن معظم الوزراء أشخاص غير معروفين، وليست لديهم خبرة تنفيذية مناسبة. ويبدو أن الرئيس الجديد يعتقد ان الوزارة شبيهة بمدرسة تدريب للوزراء، تعتمد على التجربة والخطأ. وكان آية الله مصباح، أحد رجال الدين الأكثر تطرفا في ايران، قد قال انه «هذه هي المرة الأولى التي تكون لدينا فيها حكومة اسلامية». وقبل أسبوعين قال قائد الباسيج، (وهي ميليشيا تعمل تحت رعاية الحرس الثوري)، ان «الوزارة الجديدة ستغير كل شيء في ايران».

وفي المقابل قال نائب القائد العام للحرس الثوري انه «بعد الانتخابات الرئاسية لدينا ثلاث مهمات. الأولى اننا نريد أن نشكل وزارة اسلامية، ثم سنغير المجتمع الايراني الى بلد اسلامي، وأخيرا سنغير العالم الى عالم اسلامي».

هذه نماذج روائية، شأن دونكيشوت، الذي كان رجلا في غاية البساطة والكرم، وكان يعتقد ان طواحين الهواء هي عدوه. ولهذا كان يصارعها. وقد تغلب على طواحين الهواء لأن عالم الواقع شيء مختلف.

وعلى الرغم من أن دونكيشوت كان يفكر بأن حربه مع طواحين الهواء كانت حربا حقيقية تماما، فانها لنعمة كبيرة من الله أنه أزال هذه السلالة الشريرة من على وجه الأرض.

والشاهد أنني وحين رأيت قائمة الوزراء الرئيسيين في الحكومة الجديدة، فكرت في أنه من الجيد لو أنه كان لدينا رجل حكيم مثل سانشو بانزو ليوضح لهم أن عهد الروايات ولى.

* كاتب وباحث إيراني