يا ذا الذي زار وما زار!

TT

كيف كانوا يسمعون الموسيقى والغناء وماذا كان يجري لهم ويجري عليهم، أنقل لك بعض العبارات من كتاب «الأغاني» ومن كتاب «الإمتاع والمؤانسة».

كانوا يضربون الأرض ويتمرغون في التراب. كان الواحد تتقلب عيناه ويسقط مغشيا عليه، وهات الكافور وماء الورد. وإذا راقبتهم، وجدت الجيب مشقوقا محروقا والدمع منهمرا والبال منخذلا.

وإذا المطربة تدللت وتفتلت (أي تلوت) وتكسرت وتيسرت، هنا يكون الموت أقوى من الحياة.

ومن أجمل التعبيرات في كتاب «الإمتاع والمؤانسة»، وهو تحفة أبو حيان التوحيدي، وصفه للموسيقى والغناء فيقول: إن الصوت الجميل يسرقك منك ويردك إليك.

ومن المجتمعين من يرغي ويزبد ويخمش بظفر ويركل برجله ويلطم وجهه ألف لطمة.

فالموسيقى:

نأخذها تارة وتأخذنا

فنحن فرسانها وصرعاها

ويوما فكرت في الكتابة عن غوازي وراقصات ومطربات شارع محمد علي بالقاهرة حيث عاشت الموسيقى الشرقية والمصرية القديمة، لقد أسعدني هذا الجو الساحر واستسلمت له تماما، فكنت أجلس على الأرض وأمدد ساقي وأقول كما يقولون. منتهى الراحة والسعادة.

يا سلام إذا غنت (ف...) شعرا قديما وتثنت وتكسرت فكنت أمسك جاري حتى لا يخلع كل ملابسه ولم يكن جاري هذا إلا أديبا عظيما.

تقول: (ف):

يا ذا الذي زار وما زار

ـ كأنه مقتبس نارا

قام بباب الدار من زهوه

ـ ما ضره لو دخل الدارا

لو دخل الدار فكلمته

ـ بحاجتي ما دخل النارا

نفسي فداه اليوم من زائر

ـ ما حل حتى قيل قد سارا

وما زارا وما زارا وما زارا.

يمكنك أن تتخيل حال شبان في العشرينات!