إلغاء وزارات الإعلام

TT

وزير الاعلام الكويتي جاء الوزارة من الجامعة. لم يكن له نشاط سياسي ولا طموحات سياسية، رغم ان والده احد ابرز نواب البرلمان الكويتي منذ السبعينات. ولكنه اقدم على خطوات كبيرة، كان ابرزها قانون الصحافة الجديد الذي «قاتل» من اجله في مجلس الوزراء، والذي يتضمن الغاء احتكار الصحف وفتح المجال لظهور صحف جديدة، والاحتكام الى القضاء في حالة الخلاف بين الحكومة والصحافة.

كانت الخطوة الثانية والشجاعة هي قانون قدمه الى مجلس الوزراء لالغاء وزارة الاعلام عبر تفكيكها وتحويلها الى مؤسسات متخصصة، وهو قانون سيؤدي الى قفزة كبيرة اذا تم تطبيقه بشكل جيد.

وزارات الاعلام في الدول العربية هي بدعة لعبت الانظمة الشمولية دورا في استحداثها بهدف السيطرة على الاعلام والرأي العام وامتلاك الانظمة الشمولية لكل وسائل الاعلام وتحويلها الى ادوات للدعاية للحاكم الفرد او للحزب الحاكم. لذلك تحولت وسائل الاعلام الرسمية الى أدوات للدعاية لا علاقة لها بالاعلام اطلاقا. ولذلك تضخمت هذه الوزارات واستهلكت الكثير من الاموال، وعوملت كوزارة سيادة بأهمية وزارات الداخلية والدفاع والخارجية. ونجحت في خنق روح التفكير والابداع لدى الجمهور، وغاب نقد الاوضاع العامة في مؤسسات الدولة الاعلامية التي انشغلت بالتطبيل للانجازات من دون حد ادنى من الذكاء وروح النقد والتوازن والعقلانية.

العالم كله يسير باتجاه الاعلام الخاص، وهذا ادى الى انتشار الفضائيات، وانحسر مشاهدو الاعلام العربي الرسمي، ولولا شيء من الترفيه والمسلسلات في محطات التلفزيون الرسمية العربية لما بقي احد يشاهدها، ناهيك من عدم ثقة الناس بما يقوله الاعلام الرسمي.

خطوة وزير الاعلام الكويتي بتفكيك وزارة الاعلام تتطلب اصدار قانون يسمح للاعلام الخاص بكل اشكاله. وهناك تخوفات لا مبرر لها من هذه الخطوة. ورغم ان الزمن اثبت ان العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة في الاعلام، ورغم ان الناس جربت اعلام التحريض والاثارة مع بداية الفضائيات، ولكن الجمهور بدأ يبتعد تدريجيا عن اعلام التحريض بعد ان فقد مصداقيته. والمهم ألا نخاف من الجديد وان نسمح لمئة زهرة تتفتح.