الإرهاب في العقبة .. من يستأصل الداء ؟

TT

العمليات الارهابية التي تنفذ في المملكة العربية السعودية ومصر والاردن تهدف الى زعزعة الامن والاستقرار. والهدف هو إتاحة المجال للتدخلات الاجنبية في شؤوننا وتشويه صورة الاسلام والمسلمين وتدمير وتخريب بيوتنا وقتل الانسان العربي المسلم في عقيدته وإلصاق تهم التطرف والارهاب بالمسلمين وجعل الامة كلها في الحضيض تقاتل بعضها البعض. وتفريقنا الى ملل ومذاهب يكفر بعضنا بعضا، ونقل المعركة الى قلب الامة العربية لجعلها تنزف ولمنع ابنائنا من التقدم وولوج القرية العالمية الى جانب الامم الاخرى.

السعودية تتعرض لأعمال ارهابية بصورة شبه يومية.. فقد تمكن رجال الامن قبل يومين من قتل زعيم تنظيم القاعدة، صالح العوفي، في المدينة المنورة ومعه بعض أتباعه. وقبل أشهر شهدت مدينة شرم الشيخ في مصر عمليات ارهابية بحق المصريين والسياح وحصدت تلك العمليات عشرات القتلى معظمهم من العمال المصريين.. ويوم امس حاولت فئة ارهابية نقل الارهاب الى هذا الحمى الهاشمي واطلقت ثلاثة صواريخ كاتيوشا من العقبة.. أحد الصواريخ سقط على معسكر لتدريب قوات الجيش وأدى ذلك الى استشهاد جندي واصابة آخر، فيما اطلق الارهابيون صاروخا آخر على بارجة اميركية كانت في ميناء العقبة ولم يصب هدفه، أما الصاروخ الثالث فقد سقط في ايلات ولم تقع خسائر.

نحن في الاردن نثق بأجهزتنا الامنية وبقواتنا المسلحة درع الوطن، ونثق بقدرتنا على الوصول الى هذه الخلية الارهابية.. لكنني أعتقد ان المواطنين يقع على عاتقهم التعاون والتعامل مع الاجهزة الامنية للقبض على هذه الشرذمة المارقة ومن يحاول التستر عليهم هو شريك بإجرامهم وإرهابهم.. ونحن نثق بمواطننا ، وما مسألة القبض على هذه المجموعة المجرمة إلا مسألة وقت ليس اكثر.

وعربيا.. طالما ان هذا الارهاب يستهدف الامن العربي ككل ويستهدف الجميع، فلا بد من عقد قمة عربية طارئة لمناقشة ملف الارهاب.. والخروج بقرارات عربية واحدة لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد أمن الجميع.. ولا بد من تعاون مخابراتي عربي حول تحركات خلايا الارهاب لضربها ووأدها قبل فوات الاوان، لأن العمل العربي المشترك هو أهم الوسائل في هذه المرحلة الحرجة.

الارهابيون يخططون الى استهداف اماكن السياحة في مصر والاردن، ويركزون على اشاعة الفوضى، ويبررون اعمالهم الوحشية بما يجري في العراق وفلسطين، وهذا الذي يخططون له انما هو اعادة الامة الى زمن العبودية والى زمن الاستعمار والى زمن التخلف، وهم بذلك يريدون من الامة ان تبقى تنزف دما وتدفع من استقرارها وأمنها خدمة لأعداء الامة. وهذه الفئة المنحرفة الضالة تتستر باسم الاسلام والمسلمين، وهي بذلك تريد ليس تشويه الاسلام، بل جعل ديننا الاسلامي دين ارهاب وتطرف وغلو. وهم بذلك يحشدون الامم علينا وعلى امننا واستقرارنا ويجعلون من الاسلام صورة قبيحة مرتبطة بالقتل والدمار والخراب، ولا بد لعلماء الامة العربية والاسلامية ان يتحركوا لمواجهة ظاهرة هذه الفئة الارهابية المنحرفة عن الاسلام والمسلمين، ولا يكفي التنديد والاستنكار بل لا بد من موقف واحد لعلماء الامة لإظهار الاسلام على حقيقته، وايقافهم عن اغتيال صورة الانسان العربي المسلم، وهذا لا يتأتى الا بتحرك المراجع الاسلامية السنية في الازهر الشريف، ومراجع الشيعة في النجف وكربلاء، ومراجع المذاهب الاسلامية كلها من اجل وحدة الموقف ودفن هذا الخطر الارهابي، الذي يهدد الامة في وجودها وهويتها ورسالتها الانسانية.

قادة الامة وعلماء الاسلام وجميع ابناء الامة العربية والاسلامية مدعوون للتحرك ووأد الارهاب، لأن امتداد هذه الظاهرة ونجاح دعاتها هو الهدم الحقيقي في تكوين الامة الاسلامية.. وهذا الخطر الارهابي يهدد الجميع. ولذلك فإن اجتثاث خلايا الارهابيين وملاحقتهم هو اولوية العمل العربي القادم، ولذلك يتطلع ابناء الامة الى ضرورة توحيد المواقف لأتباع المذاهب الاسلامية من خطر الارهاب.. ويتطلعون الى دور القادة العرب في معالجة هذه الآفة الخطيرة ويتطلعون الى بلوغ الامن والاستقرار في ربوع بلاد العرب والمسلمين..

ما جرى في العقبة أمر مدان ومستنكر من جميع الاردنيين.. وبإذن الله قادرون على استئصال جذور هؤلاء الارهابيين، وقادرون على اشاعة الامن وادامته. هؤلاء الارهابيين سيطالهم العقاب وسيتم تحويلهم الى العدالة الاردنية . فأمن الاردن خط احمر لن نسمح لأي كان بتجاوزه.. ونحن في الاردن مستعدون للتعاون مع أشقائنا في السعودية ومصر وجميع بلاد العرب لاجتثاث الارهاب والارهابيين.

* نائب أردني ومسؤول أمني سابق