هل هي حقا سعيدة؟

TT

أحيانا أجد من الصعوبة تصديق كل ما ينسبه الزملاء الصحفيون لـ«الطرف الآخر»، كما حدث مع زوجة أبرز ملاحق قتلته قوات الأمن في عملية تعد الأهم في حرب الارهاب. قالوا، او تقوّلوا عليها، كم هي سعيدة بأن زوجها صالح العوفي قد قتل، وان المجتمع صار بدونه أفضل، وانه كان ارهابيا سيئا، وهكذا. اشك كثيرا انها قالت كل هذا وهي المرأة التي عاشت معه حتى في فترات مطارداته قبيل هروبه الأخير منذ عام.

ولا أستغرب ان كانت تنظر إليه كبطل، في حين ان الناس يعتبرونه مجرما استحق ما لحق به بسبب ما أزهق من أرواح بريئة كثيرة، أليس هذا هو حال طبيعي للأمهات والأخوات، انها رابطة الدم او الزواج التي لا يستطيع البعض مغالبتها. ولا يفترض منا أن نطالبهم بأن يتخلوا عن مشاعرهم حتى لو كان المبكي عليه رجلا سيئا كصالح العوفي، رجل ابن لادن الأول على أرض جزيرة العرب. فالمجتمع لن يخسر كثيرا لو أن عشرة من اهله عظموا مكانته وذرفوا الدمع عليه. لا يهم رأي أهل المجرم بقدر ما يعنينا الرأي العام الأوسع وان يستمد عاطفته من الحقائق لا من اقوال المجرمين او عائلاتهم المتعاطفة او الرافضة. عامة الناس مقتنعون بأن المطلوبين أناس أجرموا في حق مجتمعهم ولا بد من مطاردتهم، وربما قتلهم عندما يتعذر اعتقالهم.

فإن كان المنسوب للزوجة اجتهادا صحفيا مبالغا فيه، ففيه تجن غير مبرر، وان كان هو موقف الزوجة الحقيقي، عبرت فيه عن شجبها له وما سبب لها من معاناة وأولادها، فهي تستحق التقدير على شجاعتها للتصريح به علانية.

والحقيقة انه لا يزيد قول زوجة العوفي كثيرا في شأن مقتله لأن الأمر قضي، والإرهابيين خسروا معركتهم، والعوفي نفسه قد قتل. بل إن المجتمع عبر الجسر من الشك الى اليقين، كما هزمت الجماعات التي حاولت الترويج لأفعال المتطرفين او تبرر لما اعتادت على تسميته بالأخطاء.

في بداية المواجهات نشبت معركة كلامية، حاول الارهابيون وموالوهم استمالة الناس بالفصل فكريا بين ضحاياهم والناس، كما حاولوا تأليب الناس ضد رجال الأمن، لكنهم فشلوا. والتي هزمتهم هي أفعالهم، وصور ضحاياهم، التي صدمت عامة الناس من بشاعة الجرائم التي تفنن الارهابيون في ارتكابها، والمفاخرة بها في بياناتهم المصورة من سحل ابرياء بجر جثثهم في الشوارع، وحز الاعناق، والاحتفاظ برأس رهينة في الثلاجة، وغيرها من جرائم مرعبة قلبت مشاعر الناس بشكل فوري وبعنف ضدهم. لم يعرف الناس بشاعة كتلك فصار المتطرفون بسببها هدفا لكراهية الناس واحتقارهم، وبالتالي لم يعد مهما ان يقف قريب لإرهابي او صديق له يسانده او يعتذر لأفعاله. فالاعتذاريون والمبررون قلة قليلة في مجتمع صار أهله يصفق لسيارات الامن وهي تغادر بعد ان تنجز مواجهاتها. الحقيقة الأكيدة ان الارهابيين خسروا الحرب وان بقيت معارك مقبلة.

[email protected]