رأيتهم يكتبون

TT

أستاذنا عباس العقاد كان يكتب على ورق في مساحة الكف. بالأحمر والأخضر، أما الخط فهو فارسي ومن النادر أن نجده قد شطب كلمة.

أستاذنا توفيق الحكيم كان يكتب على ورق صغير وبخط رفيع خفيف كأنه يطير فوق الصفحات أو كأنه يكتب برمش العين.

الأستاذ إحسان عبد القدوس يكتب على ورق صغير ويكتب من أول الصفحة إلى آخرها وفي السطر الواحد ثلاثون كلمة أو أربعون كلمة؟!

الأستاذ محمد زكي عبد القادر يكتب على ورق في مساحة الكف ويملأ نصف الصفحة ليكون مقالا طويلا، ففي السطر الواحد أربعون أو خمسون كلمة!

والأديب الكبير أحمد حسن الزيات حروفه أنيقة واضحة ولكن الحروف صغيرة جدا.

وعندما سلمني الفنان الكبير يوسف وهبي مذكراته التي عنوانها (عشت ألف عام) كانت الصفحات بلا أرقام، وخطه صغير جدا، فيوسف وهبى يظهر أنه كتبها في عام وراح يعيد ترتيبها في بقية الألف سنة!

والأديب الفرنسي الكبير هيجو إذا قرأت الصفحات التي يكتبها تحس انها معركة ضخمة بين الكلمات والسطور فهي كلها تتزاحم وتتخبط. ويشير الكاتب إليها في الهوامش.

والأديب سرفانتس بعد أن فقد ذراعه اليمنى في إحدى المعارك كان يكتب باليسرى وكان خطه مفعوصا بعضه في بعض.

أما الأديب الفرنسي فلويير فله طقوس فخمة في الكتابة، أولا يرتدي ملابسه الأنيقة ويضيء كل المصابيح في القصر، بما في ذلك الحديقة حتى يظن الناس أنه أقام وليمة، وتكون المفاجأة أن أحدا لم يأت وإنما الأديب يحتفي بنفسه.

شاعرنا العظيم شوقي كان يكتب على أي نوع من الورق، وأحيانا على علب السجائر وعلب الكبريت، ويقال انه راح يدور في غرفة أحد أصدقائه يبحث عن ورقة ويسألونه فلا يرد وأخيرا وجد ورقة صغيرة كتب عليها هذا البيت ربما لأبي نواس.

يقول أناس لو وصفت لنا الهوى

لعل الذي لم يعرف الحب يعرف

ولم يجد ورقة. فكتب على بطن يده اليسرى:

(يقول أناس لو وصفت لنا الهوى)

لعل الذي لم يعرف الحب يعرف

فقلت لقد ذقت الهوى ثم ذقته

(فوالله ما أدري الهوى كيف يوصف)