تكهنات اللحظة الأخيرة

TT

الأوسكارات تحب توم هانكس، وقد يضيف اليوم اوسكاراً آخر إلى اوسكاراته عن دوره في فيلم «المنعزل» وهو يستحق ذلك واكثر لأنه الوحيد المؤهل لطبقة (سوبرستار) بين جيله والأهم من ذلك ان الشهرة لم تفسده كما افسدت آخرين سحقتهم المظاهر والمخدرات.

وإذا كان التنبؤ باوسكار أفضل ممثل يبدو سهلاً باسقاط راسل كرو بطل فيلم المصارع من الحساب ـ وهذا مجرد احتمال ـ فإن المعركة الحقيقية سوف تدور حول اوسكار أفضل ممثلة وهذا الصراع له طبيعة سياسية وفنية فالمرشحتان الأقوى حظاً الفرنسية جولييت بينوش، والأميركية جوليا روبرتس وما بين الثقافة الفرانكفونية، والانجلو سكسونية ما صنع الحداد والنجار والسمكري، فكان اللّه في عون جولييت.

ومن السهل في حالة من هذا النوع ان نستخدم لغة أهل الرياضة لنقول ان جوليا روبرتس بطلة فيلم (ايرين بروكوفيتش) تلعب على ملعبها والأرض تنحاز اثناء اللعب إلى أصحابها يعني بالعربي (المشرمحي) والانجليزي الفصيح سيعطونها الجائزة إلا إذا كانت الاخلاق الفنية والمصداقية أعلى مما نتصور في الاكاديمية الأميركية لفنون السينما وصناعتها.

وفي حالة المصداقية والاخلاق والتحكم الصحيح غير المنحاز ـ وهذا ما لا نتوقعه من هوليوود ـ فإن جولييت بينوش تستحق الجائزة دون منازع، فمع الاعجاب بدور جوليا روبرتس كموظفة وباحثة قانونية في مكتب احد المحامين يظل دور جولييت بينوش في (شيكولا) من الأدوار التي لا تنسى، فنادراً ما قامت ممثلة على الشاشة منذ فيفيان لي بهذا الدور الساحر والمؤثر الذي يعشعش في تلافيف الذاكرة.

اما حكاية أفضل فيلم فتبدو حسب تكهنات اللحظة الأخيرة واستناداً إلى شبه المعلومات الراشحة من لوس انجلس شبه محسومة لصالح فيلم (تهريب) فمحاربة المخدرات قضية تمس كل بيت اميركي، ولن يفشل هذا الفيلم في الحصول على معظم الأصوات. إلا إذا اتفق المصوتون على الاحتجاج على نتيجته، فهو يوصل المشاهد إلى قناعة بان اميركا خسرت حربها ضد المخدرات، وبعض أصحاب الرؤوس الصلبة لا يتفقون مع هذا الرأي، فكلما زادت شراسة المعركة كان الإصرار على خوضها وكسب جولتها الثانية أكبر عند قوم يحبون خوض المعارك خارج ديارهم فما بالك لو كانت بالداخل.

وفيلم تهريب مكون من ثلاث دوائر متداخلة تبدأ من المنبع في المكسيك وتصل إلى البيت الأبيض في واشنطن، وبينها طريق التهريب الطويل الذي تسيطر عليه عصابة اتخذت من ولاية كاليفورنيا مقراً لها، والعنصرية الأميركية واضحة في هذا الفيلم، فمع ان اميركا مليئة بالضباط الفاسدين الذين يتعاونون مع عصابات المخدرات اختار الفيلم ان يجعل الضابط الكبير الذي يتعاون مع عصابات التهريب من الجيش المكسيكي وليس من الجيش الأميركي... لماذا...؟

المعنى في بطن المخرج ستيفي سودربرج الذي يعدونه حالياً للمكان الذي كان يحتله ستيفن سبيلبرج الذي تفرغ كلية للإنتاج وكان قبلها اسطورة هوليوود الإخراجية وفي كل حقبة لا بد من اسطورة شابة تجدد الأمل في صناعة السينما.

وقد أهملنا المصارع.. وهو من الأفلام المرشحة اليوم لثماني جوائز منها أفضل فيلم لكن حظوظ هذا الفيلم الذي لا يقول جديداً ولا يقدم مفيداً ستظل في مهب الريح، فالافلام الحربية على الطريقة الرومانية ولى عهدها. وميزته الوحيدة كلفته الانتاجية العالية وهذه صفة قد تجلب له جوائز ثانوية لكنها ستبعده ـ كما يعتقد نقاد جادون ـ عن الجوائز الرئيسية المتمثلة في أحسن ممثلة وممثل وأفضل فيلم وأحسن اخراج وسيناريو.

واخيراً لماذا التفكير وكد الذهن..؟

فيا خبر اليوم بفلوس، غداً ببلاش وسنعرف هذا المساء بالتوقيت الأميركي اتجاه الريح التي سيرت أمزجة المصوتين وسيأتينا على مذهب طرفة «.... بالأخبار من لم نزود»، فهذا زمن العدائين ـ على رأي محمد الماغوط ـ وما من شيء أسرع في الجري من أخبار الأوسكار.