إذا لم تخني الذاكرة!

TT

عندما قال لي: «لا اذكر تماما»، تأكدت ان كلامه ليس صحيحا، او على الاقل هناك ما يخفيه. وهذا يعني انه يكذب في جانب من كلامه. العلماء يؤكدون ذلك ويقولون ان الانسان الكاذب يستخدم دائما كلمات مثل «اذا لم تخني الذاكرة» او «انني لست متأكدا» او «لا اذكر بالضبط». فالذي لا يكذب، لا يدع الكلام ناقصا.

انهم يقسمون الكذب الى درجتين، ليس كما نقول كذبا ابيض وكذبا اسود. ولكنهم يقولون ان هناك كذبا سالبا، وكذبا موجبا. فالذي يكذب بطريقة سالبة، يخفي بعض الحقائق، ويتهرب من الاجابات المباشرة، او يلتزم الصمت، او يدعي المرض. او الغضب او اي حاجة تبعد عنه الوقوع في ذكر الحقيقة. وهذا النوع من الكذب هو السائد.

وهو من وجهة نظر «الكذاب» اكثر امانا لانه اذا انكشف يستطيع ان يدعي ان ذاكرته خانته، او انه لم يفهم السؤال الموجه اليه جيدا. انه في النهاية يجد منفذا يستطيع ان يهرب من خلاله. فالخط الفاصل بين سوء الفهم، واخفاء الحقيقة رفيع جدا.

وهناك فارق بين اخفاء الحقيقة وتشويهها، فالذي يخفيها كذاب سالب. والذي يشوهها كذاب موجب. واذا كان الكذاب السالب يختفي خلف ضعف ذاكرته، او سوء فهمه، فان الكذاب الموجب لا بد ان يكون قوي الذاكرة، وهادئ الاعصاب، ويملك القدرة على فهم السؤال جيدا.

فالكذاب الموجب لا يخفي الحقيقة فقط، او يشوهها، انه يختلق الاكاذيب ايضا. ولانه يفعل ذلك، وهو يعرفه، فانه يكون في منتهى الحرص، فاذا اكتشفته، فانه يختلق اكاذيب جديدة، ليغطي بها اكاذيبه القديمة.

انهم يقولون: ان الكذب ليست له ساق، بمعنى انه يظهر بسرعة. ولكن محترفي الكذب يستطيعون اختلاق اكاذيب تصل الى شكل الحقيقة، ويحتاجون الوقت حتى يمكن كشفهم. لكن حتى يحدث ذلك، فربما تكون الكارثة قد وقعت على الجميع.

ان الكذابين الذين يكذبون بشكل موجب.. قلة لانهم يتمتعون بذاكرة قوية، وذكاء كبير.

اما الكذابون اصحاب الشكل السالب، فهم الكثرة، وهم الذين تلقاهم دائما، او تتعامل معهم باستمرار. ومفتاحك لكشفهم، هو تلك العبارات التي يستخدمونها غالبا، مثل.. انني لست متأكدا، او.. اذا لم تخني الذاكرة، او.. عدم تأكدي.. فهذه العبارات نفسها لا بد ان تدفعك للضحك لانك تعرف الى اي نوع من الكذابين تتحدث.