الرياضة البدنية

TT

«كان رجال الجيل الماضي، يحتاجون إلى راحة بعد عملهم اليومي، أما رجال هذا الجيل فيحتاجون إلى تمارين رياضية بعد كل يوم عمل»

ويبدو لي أنني لست من رجال ذلك الأمس، ولست من رجال هذا اليوم.. وإنما أنا من (أولاد) زمن (موؤود) هو في (المهد واللّحد) معا.. لا أريد أن اقلب هذا الكلام والقضية الرياضية البحتة إلى (دراما)، وإنما (والله العظيم) انه يستعصي عليّ أحيانا أن أكفكف دمعي الأليم، وأنا في قمة ابتساماتي المبتهجة، ماذا افعل واصنع وربي خلقني (هكذا): نصف وجهي باك، ونصفه الآخر ضاحك (وملووح)؟!

لا أمارس الرياضة إطلاقا إلاّ إذا كانت هناك حالة (طوارئ) قصوى، أطلقت من اجلها صفارات الإنذار، وقيل ان هناك عدوا هجم، ويجب التصدي له، ساعتها فقط (تنتفخ) كل عضلاتي، ويجري الدم في عروقي، وأتحرك حركة لولبية لا إرادية، واستحضر كل أسلحتي الفتاكة الشرعية منها وغير الشرعية، ولكن هذا الطارئ فين وفين (لما يحصل).. يمكن يكون (في يوم، في شهر، في سنة، في العمر كلّه).

أما ما عدا ذلك فمحسوبكم (نؤوم الضحى) ـ خصوصا في (الويك اند)، لا افتح نصف عيني اليمنى إلا في الثانية عشرة ظهرا، ونصف عيني اليسرى في الرابعة عصرا.. وما بين الاثنتين اقفز كأي نمر اسود مستفرس في غابات (الأمازون) ـ ولكن فقط بالأحلام والليالي الملاح ـ

أحب مشاهدة الرياضة بالتلفزيون، وأحبو قليلاً بمشقة رهيبة على (موكيت) الغرفة، واضطجع بشكل غير لائق على سرير النوم، وإذا اضطررت رغما عن انفي اعقف قدمي العزيزة من اجل أن البس حذائي التعيس.

كل هذه الرياضات العنيفة وأكثر منها تغازلني (وتتحركش) بي، وترفع من قدري وتحط به، وتضعني متى ما شاءت على لوحة الشرف، ومتى ما شاءت ـ وما أكثر ما شاءت ـ على القائمة السوداء بل وفي (الصندوق الأسود)، ولكنني رغم هذا العرق المسكوب من بعض الخلايا في جسدي المتهافت على النشاط، رغم ذلك العرق المسكوب ـ على وزن (اللبن المسكوب) ـ، أقول: رغم ذلك فلا زال (مصارع اسبرطة ومحاربها) هو مثلي الأعلى في الممات قبل الحياة، وفي أكل (الطيبات من الرزق) قبل أكل العلقم.. لأن الموت والعلقم هما (الطبقان) النهائيان اللذان سوف احلى بهما في نهاية عمري غير المأسوف عليه إطلاقا.

وقد كتبت سابقا وقلت: (مارس الحب ولكن لا تصارع)، واليوم وبعد أكثر من عقدين أقول: (صارع وعلق الحب مؤقتا على مشجب)، مثلما افعل أنا اليوم، حيث إنني لا أعود له، ولا ألبسه إلا في المناسبات التي (تستاهل).. أما ما عدا ذلك فأنا مثلما قلت لكم في أول المقال: (رياضي تلفزيوني) من الدرجة الأولى، ومصارع (اسبرطي) من الدرجة الثامنة، وعاشق رومانسي فوق كل الدرجات في الألعاب البهلوانية، وراقص (اكروباتي) له خمسة أجنحة، وضابط ايقاع له خمس عشرة اصبعا ذهبيا، وغواص يجوب أعماق البحار لا بحثا عن اللؤلؤ، ولكن عن القنابل التي لم تنفجر بعد ليفجرها.

إنني باختصار اعمل (تمرينات سويدية) على العجين لكي ألخبطه.