سؤال «الاستقلال الوطني»!!

TT

من كان يجرؤ على اعتقال القادة الامنيين في بيروت لولا ان ذلك جاء تنفيذا لقرار من مجلس الامن الذي شكل لجنة للتحقيق في استشهاد الحريري ووضع قاضياً دوليا المانياً لقيادة فريق التحقيق.

هل كانت سوريا ستتعاون مع التحقيق بهذا الشكل العلني والواضح لو ان فريقا لبنانيا هو الذي يقود عملية التحقيق، وهل كان يمكن ان تنسحب سوريا من لبنان أصلا لولا قرارات دولية قادتها واشنطن وباريس.

هذا الذي يحدث في لبنان غيض من فيض، ومثلٌ واحدٌ على ان الدنيا قد صغرت وأن علينا ان نعيد النظر في اصطلاح «الاستقلال الوطني» بدون حساسية وبعيدا عن الشعارات.

قبل اسبوعين حدثت معركة ثأر بين قبيلتين في سوريا، فأصدرت احدى هاتين القبيلتين بيانا تدعو «المجتمع الدولي» للتدخل لحماية ارواح ابناء القبيلة. وقبل فترة اختلفت احدى النقابات العمالية الكويتية مع الحكومة فهددت بأن «تشتكي» على الحكومة الكويتية لدى منظمة العمل الدولية، وعندما تعطلت صياغة الدستور العراقي قام الرئيس جورج بوش بالاتصال شخصيا بالسيد عبد العزيز الحكيم «لتليين» موقف قائمته من مسألة الفيدرالية.

كل اتفاقيات السلام الاسرائيلية المصرية تمت بمبادرات اميركية، والاجتماعات تتم في واشنطن، وقضايا الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين تم حلها في محكمة العدل الدولية وكذلك الخلاف الاريتري اليمني، ومشكلة الصحراء الغربية التي تعيق العلاقات المغاربية يقوم بحلها فريق دولي يرأسه وزير خارجية اميركي سابق.

النظام العراقي السابق اسقط بقوات تحالف اميركي بريطاني، وتحرير الكويت من صدام تم بجبهة دولية وقرارات دولية قادتها الولايات المتحدة، والملف النووي الايراني يتحرك بمراقبة اوروبية اميركية حاسمة، والمعارضة المصرية تطالب باشراف دولي على الانتخابات المصرية. والقذافي سلم كل ما عنده من اسلحة ووثائق لاميركا عبر ضغط دولي.

هل الذي يحدث نقمة ام نعمة؟ هل هو نهاية عصر الاستقلال الوطني للدول أم بداية عولمة حقيقية قد تصل الى شروط دولية تحدد قوانين دولية ترغم الجميع!!

هل نحن مستفيدون ام خاسرون؟ اسئلة كثيرة تحتاج الى اجوبة بعيدة عن الانفعال.