في هوا كاترينا

TT

الأعاصير لها مسميات في أميركا وموسم الأعاصير هو الصيف. ولم يصب الولايات المتحدة الأميركية إعصار بقوة كاترينا الأخير، والذي لن يعرف مدى حجم الضرر الذي حدث سواء من جهة أعداد الموتى أو الخسائر المادية إلا بعد فترة من الزمن نظرا لفداحة الكارثة. وأحدث الإعصار ارتفاعا شديدا في أسعار برميل النفط ليقفز به لأكثر من سبعين دولاراً، بزيادة أكثر من أربعة دولارات في ساعات قليلة، وطبعا أدى ذلك لنشاط محموم في بورصات العالم. ولكن المشهد المأساوي يطغى على الحدث الاقتصادي. وأتساءل مع نفسي ماذا سيفعل العرب عموما والسعوديون تحديدا مع ما يحدث مع أميركا؟ هناك فئة تهلل وتتراقص فرحا وتعتبر كاترينا إحدى المجندات في كتائب الموت، وبالتالي هي مناضلة أدت دورها هناك بنجاح. ولكن من المؤكد أن هناك فئات تؤمن بتكامل الحضارات وتؤمن برسالة الإسلام السمحاء ومد يد العون. وإذا كان هذا الدين يبشر بالجنة لمن ساعد قطة أو كلب فما بالكم بمن ساعد بن آدم؟ هل ستعد طائرات عون وإغاثة وترسل لولايتي لويزيانا ومسيسبي ؟ هل ستعد حلقات تلفزيونية لجمع تبرعات؟ قد يكون «الآن» هو الوقت لممارسة الطرح التنظيري عن الوسطية والانفتاح مع الآخر، وأنه لا «مشاكل مع الأميركان ولكن مع سياستها الخارجية»، الآن ستوضع كثير من الاقاويل في محك الاختبار. ذكرى الحادي عشر من سبتمبر المشؤومة على الأبواب، فهل هناك استعداد مغاير وجريء للقيام بمبادرة انسانية جادة أمام هذا الحدث الأليم؟ وهو سيكون ذا أثر أبلغ وأوقع من حملات الدعاية والإعلان والعلاقات العامة وأفواج المراسلين الى الديار الأميركية للاجتماع والندوات والمحاضرات.

هناك طبعا الفئات إياها ذات العيون الحمراء الغاضبة والصوت الذي لا يعرف إلا الصراخ، سترفض وتأتي بالآراء العجيبة والأقاويل العجيبة لرفض ذلك لأنها تعودت كالغراب العيش على الخراب. وهذا الفئة تفضل الدعاء عليهم ولعنهم والإسلام من كل ذلك براء. العبرة هنا ليست أميركا والأميركان، العبرة الأهم اعادة تعاليم الدين وأخلاق الدين وتطبيق الدين وروح الدين وسماحة الدين الى الحياة مرة أخرى بعد أن حجب وسلب من مجموعة لا تعرف هذه المعاني. المبادرة الانسانية السعودية العاجلة لأميركا مشروع مختلف ولكنه مشروع صحيح، وإذا ما كتب له أن يرى النور سيكون متداولا على الصفحات الاعلامية، ولكن بمنظور لم نتعود عليه لسنوات ليست بقليلة. النقلة النوعية في الخطاب الإغاثي السعودي باتت مطلوب تعميمها. وإذا كانت السعودية بدأت «بخجل» في التعاطي مع هذا الشأن عن طريق العمليات الجراحية مع غير المسلمين من بولندا وانجلترا أو الفلبين، إلا أن الحدث الأميركي لا يمكن اغفاله، وبالتالي تفويت فرصة التعامل معه. وبالمناسبة نيواورلينز وبولدكسي وهما المدينتان الأكثر تضررا بهما مسلمون ومساجد!.