«العالم الجديد»

TT

هناك دولة سوف تغضب أو تفرح وتطرح دول العالم الاخرى. دولة لم تكن على الخريطة قبل نصف قرن. ولم يكن لها مقعد في الامم المتحدة. وكانت نصف الدول ترفض الاعتراف بها. وهذه الدولة تخيف اميركا الآن وتحمي الدولار. وتخيف اوروبا. وتفتح امام النفط العربي اسواقاً هائلة. وامام ثرواتنا الطبيعية الاخرى من معادن وذهب وتمور. انها الصين. ولكن اين كانت الصين من قبل ؟ الم تكن على الدوام اكثر بلدان العالم تعداداً ؟ الم تكن بلد الحنكة ؟ الم تكن بلد الشجاعة ؟ ألم يمت عشرات الملايين من اجل اقامة دولة كبرى ؟ اذن، ما الذي تغير فجأة ؟ لماذا شهدنا اليوم فقط ولادة الصين؟ لماذا تغير الصين خريطة العالم بعدما كانت غائبة عنها ؟

هناك مليون سبب على الاقل. اترك شرحها لدكاترة الاقتصاد. اما انا فاعتقد ان هناك سببين. الاول الحرية، وثانياً العلم. لقد خرجت الصين من القرن الثالث عشر الى ما يعادل اوائل النصف الثاني من القرن العشرين. وقررت ان السبات هو نفسه ان كان العدد ستة ملايين او 600 مليون. عشرة ملايين متخلف زائداً 70 مليون متخلف يساوون 80 مليون متخلفاً أو 80 مليون متأخراً. لذلك قررت ان تفعل ما فعلته اليابان اواخر القرن التاسع عشر: ان تخرج من التخلف بنقل الصناعة الغربية نقلاً ونسخاً. وفي البداية كانت مصنوعاتها ترمى في المرافئ، اما الآن فهي تنفد قبل وصولها اليها. وهذا ما تفعله الصين منذ عشرين عاماً. لم تعد تقبل على نفسها ان 30 مليون صيني في تايوان يهزمون مليارا و200 مليون في البّر الصيني. ولم يعد احد يسمع شيئاً عن «الكتاب الاحمر» لأن في كل مدينة الآن تقام نيويورك اخرى. ولا مكان للرجز ولم يعد «العالم الجديد» اميركا بل هو الآن الصين. وهو ايضاً الهند التي خرجت من الفاقة والتخلف ووأد البنات الى الحداثة والكفاية والنمو. هذا هو حلنا الوحيد. وليس الحل ان نحصي عدد المواليد ونسبة العاطلين والجائعين والاميين والمرضى.

قريباً يذهب الملك عبد الله بن عبد العزيز في زيارتين رسميتين الى الصين والهند ليطلع على تجربتين هائلتين. ولكي يفتح ابواب التعاون مع دولتين عملاقتين. فالعالم لم يعد غرباً فقط . انه شرق ايضاً.