الدولة العبرية: قنبلة ديموغرافية وشيخوخة زاحفة

TT

غني عن القول بأن تأثير القنبلة الديموغرافية العربية الفلسطينية القابعة وسط معدة الكيان العبري الصهيوني يبقى بحدود دونها الخطر الداهم على مصير الكيان ذاته. فالقنبلة الديموغرافية لا يمكن البناء عليها، وتبقى معطلة ودون صاعق تفجير ما لم تترافق مع جهد متواصل يتم من خلاله اشراك كل القطاعات العربية داخل (اسرائيل/ الخط الأخضر) في الحراك الدائر على خلفية المشروع الوطني الفلسطيني، وبالترابط مع حق الفلسطينيين في الدولة المستقلة فوق الأرض المحتلة عام 1967، وفتح الطريق أمام الحل العادل لقضية اللاجئين وفق القرار الدولي 194.

وفي هذا المجال يمكن الاستئناس بالمعلومات التالية الضرورية للباحثين والمتابعين وأصحاب القرار عن تخوم الخريطة الديموغرافية للكيان العبري الصهيوني. ففي آخر تقرير إحصائي أصدره مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، يتضح أن عدد سكان الدولة الاسرائيلية بحدود خطوط 1948، كان مع نهاية عام 2004، يقترب من الأرقام التالية:

4.9 مليون نسمة من اليهود ويشكلون ما نسبته (%79.4).

229 ألف مسلم من العرب الفلسطينيين ويشكلون ما نسبته (14.8%).

130ألف مسيحي من العرب الفلسطينيين ويشكلون ما نسبته (2.1%).

كما يظهر في السجل (126) ألف نسمة دون تحديد.

فالسكان اليهود سجلوا في مطلع سنوات تسعينات القرن الماضي، نسبة عالية من الزيادة بفعل الهجرة الكبيرة من دول الاتحاد السوفياتي السابق، حيث أثرت هذه الهجرة على نسبة السكان/ المستعمرين من اليهود على أرض فلسطين التاريخية بنسبة (29.4%)، بينما كان الارتفاع العادي (الزيادة الطبيعية + الهجرة القادمة)، لا يتعدى (1.8%)، سنوات الثمانينات. وأخيراً مع نضوب الهجرة من المناطق المذكورة، ارتفع عدد اليهود بوتيرة (6%) في عام 1997 أي (86) ألف نسمة (40% نبع من الهجرة، و60% من التكاثر الطبيعي).

وأفاد تقرير سابق نشره المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي، بأن الهجرة إلى إسرائيل شهدت انخفاضاً كبيراً بشكل خاص خلال النصف الأول من السنة الحالية 2005، حيث لم يسجل سوى وصول 9200 شخص.

وانخفض عدد المهاجرين خلال الأشهر الستة الأولى بنسبة 39% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، بينما انخفض بنسبة 55% مقارنة مع عدد المهاجرين خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2001.

وأفاد التقرير ذاته، بأن معظم المهاجرين أتوا من بلدان الاتحاد السوفياتي. وتعتبر هيئة الحاخامات أن نصفهم ليسوا من اليهود، لكنهم رغم ذلك يستفيدون من «قانون العودة»، الذي يمنح المهاجرين الجنسية الإسرائيلية بصفتهم أقارب لأشخاص يهود.

وانخفض عدد المهاجرين الآتين من الأرجنتين إلى 500 شخص بعد أن كان 2500 خلال النصف الأول من 2002، بينما بقي عدد الآتين من فرنسا مستقراً بنحو 500 شخص.

وخلال 2002 هاجر 34 ألف شخص إلى إسرائيل مقابل 44 ألفا خلال 2001، وكان العدد الأدنى للمهاجرين منذ بداية موجة الهجرة من بلدان الاتحاد السوفياتي سابقاً عام 1990.

ويعود انخفاض الهجرة إلى عدة عوامل:

نفاد الخزان البشري في الاتحاد السوفياتي السابق، حيث انخفض عدد اليهود في هذه البلدان من 1.45 مليون خلال عام 1989 إلى 400 ألف بسبب الهجرة الجماعية الكثيفة، لا سيما إلى إسرائيل والى بلدان أخرى وبالدرجة الأولى إلى ألمانيا، كذلك بسبب تقدم هذه الفئة من السكان في السن.

تدهور الحالة الأمنية داخل إسرائيل، خصوصاً منذ اندلاع الانتفاضة.

الأزمة الاقتصادية.

وحسب التقرير الاستراتيجي لمركز جافي الاسرائيلي ومقره تل أبيب، فإن الدولة الصهيونية تنفق سنوياً أكثر من 2.5 مليار دولار على مستوطنات الضفة والقطاع، وتصرف على التخديم وإعفاءات للمستعمرين، ولا تشمل المصاريف السابقة النفقات العسكرية المجندة لخدمة «أمن المستوطنين وحماية المستوطنات».

من جانب آخر، يتوزع سكان الدولة الاسرائيلية من اليهود طبقاً لأصولهم القومية وفق النسب الرئيسية التالية:

1.9 مليون من اليهود من أصول اوروبية ـ أميركية.

858 ألفا من أصول تعود الى دول الاتحاد السوفياتي السابق، وهذه المجموعة هي الأكبر في إسرائيل.

500 ألف من اصل مغربي.

30 ألفا من اصل بولندي وروماني.

180 ألفا من اصل عراقي.

180 ألفا من أصل يمني.

ألف من اليهود الفلاشا/ الاثيوبيين.

والباقي من أصول مختلفة ( سوري ـ ايراني ـ مصري..).

ويدخل في الارقام السابقة سكان المستوطنات المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وفي هذا السياق، تقع الدولة الإسرائيلية من ناحية عدد السكان في المرتبة (95) من بين 227 دولة في العالم، حيث واحد من ألف نسمة في العالم يحمل الجنسية الإسرائيلية. بينما تبلغ كثافة السكان (265) نسمة لكل كيلومتر مربع، وتصل في مناطق متروبولين تل أبيب الى (6600) نسمة في كل كيلومتر مربع. وفي منطقة القدس (1076) نسمة، بينما في جنوب فلسطين المحتلة (57) نسمة فقط لكل كيلومتر مربع. وبارتفاع واضح لنسبة سكان المدن، حيث بلغ عدد سكان متروبولين تل أبيب (2.6) مليون ساكن يشكلون (44%) من السكان، ومتروبولين حيفا 828 ألف نسمة يشكلون (14%) من السكان.

والمجتمع الإسرائيلي على النقيض من المجتمع الفلسطيني الفتي، فهناك 1.7 مليون اسرائيلي يشكلون نسبة (29%) هم من الاطفال حتى سن (14) عاماً، واكثر من نصف مليون (9.92 %) هم من ابناء (65) عاماً فأكثر، وبذا فإن المكتب الاحصائي الاسرائيلي يشير الى ان نموا زاحفا لظاهرة الشيخوخة في المجتمع السكاني الإسرائيلي، حيث تسارعت هذه العملية في اعقاب الهجرة الاستيطانية اليهودية من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

من جانب آخر، فإن العديد من الابحاث الاسرائيلية الأخيرة اشارت الى استمرار ميل الاندماج وسط يهود العالم الى درجة اعتبر فيها مراسل صحيفة «هاآرتس» في واشنطن، اليكس سوميخ، في العديد من تقاريره التي بدأ بنشرها منذ عام 1998، بأن عدد اليهود في العالم سينخفض الى النصف من (8.6) مليون اليوم، الى حوالي (4.4) مليون. مستنداً في ذلك الى المعطيات المتتالية التي يبثها ويقدمها مركز الكونغرس اليهودي العالمي، حيث تبلغ نسبة الزواج بين اليهود وغير اليهود في العالم الى (50%)، واحياناً الى (80%) في بعض المدن الأميركية.

وتعتبر الولايات المتحدة حالياً الدولة التي تضم العدد الاكبر من أبناء الطائفة اليهودية (5.6) مليون نسمة، يلي ذلك اسرائيل ذاتها، ثم فرنسا التي يوجد على اراضيها (600) ألف فرنسي يدين باليهودية، ثم روسيا (400) ألف، تليها كندا (360) الفا، أوكرانيا (280) ألفا، بريطانيا (280) ألفا، والأرجنتين (220) ألفا.

* كاتب فلسطيني مقيم بدمشق