نور خسر الرئاسة وكسب الانتخابات

TT

لا نلوم مرشح الرئاسة ايمن نور، المهزوم سلفا في الانتخابات المصرية، على طعونه، وما قال انه يملكه من ادلة على تزوير وغش في التسجيل والاقتراع، انما لا بد ان نلومه على توسيع دائرة مشاركته بعد اغلاق آخر محطة انتخابية. باحتجاجاته التفصيلية سيفسد انتصاره، لأن الأهم ان نور كسب الانتخابات وإنْ خسر النتائج. فهذا مشروعه منذ ان اطلق صيحة «كفاية» التي دخلت التاريخ وغيرته ايضا.

وكان من المتوقع ان يهزم نور ليس بالغش، وإنما ايضا لأنه لاعب مغمور مجهول الى قبل أيام، وما كان سهلا ترويج اسمه عند العامة ليضعوا ثقتهم فيه، او حتى يتذكروا اسمه في زحام العمل والحياة اليومية. بالنسبة للرئيس حسني مبارك فهو صاحب اسم محفور في عقول الناس لسنين طويلة ولن تكون سهلة هزيمته.

ولا اتصور ان نور آوى الى فراشه ليلة واحدة وهو يظن انه سيكسب الانتخابات، حتى لو راقبتها لجان من الامم المتحدة وتمت بشكل طاهر بعيدا عن تدخلات جماعات الحكومة. امر مستحيل تقريبا ان يكسب نور في فترة زمنية قصيرة لم تكن كافية لإيصال شعاره وبرنامجه وشخصيته الى الجمهور الناخب.

والأحرى به ان يخرج فور اعلان النتائج مهنئا مواطنيه بالانتخابات، معترفا بالهزيمة، شاكرا من ساندوه، ومحييا كل من نافسه من المرشحين التسعة الآخرين، وفوق هذا مهنئا وشاكرا الرئيس مبارك على الفوز والتجربة الكبيرة على الساحة المصرية.

نور مع المرشحين انجزوا عملية تاريخية مهمة غيرت النظام المصري في حقوق الانتخاب وآلية ادارة البلاد ومحاسبتها اثناء فترة الحكم. وبالتالي ليست خسارةً هزيمةُ نور او نصرا ان يكسب مبارك، بل نجاح حقيقي بتثبيت اصلاح نظام وتطبيقه ولو مبدئيا. أيمن نور نفسه كان له دور كبير في التغيير الجديد، ولهذا السبب على ايمن نور ان يكمل المسار بنفس الدعوى ولكن بأسلوب مختلف، لأن المناكفة الانتخابية انتهت وحان وقت الانتقال الى الاصلاح من داخل المؤسسة.

نور، بشعاره الذكي، لفت انتباهنا وكذلك ببداياته بحزب الغد، رغم ما تعرضت له من سخرية مع مناصريه من القلة الهزيلة، حقق اكثر مما فعلته الجماعات الاخرى التي طالبت بالتغيير من تلك التي لجأت الى العنف والى التي اعتمدت احتلال النقابات والتحزب الجماعي المتطرف. نور كسب تعاطف الكثيرين وسانده الكثيرون لأن هناك قناعة انه رجل بفكر مستقل ووطني، قامت دعوته على مطلب بسيط لخصها في كلمة بسيطة وكبيرة في معناها. بها دعا الى التغيير المشروع ونفاد الصبر، وفتح الباب امام التعدد، وترك المجال للمصريين ان يختاروا بأنفسهم من يفضلونه رئيسا عليهم.

كل مطالبه فعليا تحققت، وفي فترة زمنية قصيرة مدهشة، وبها غير ايمن نور السياسة المصرية ، ولذا حري به ان يحتفل ، لا ان يستمر في الطعن والشكوى ، فالانتخابات انتهت وست سنوات جديدة ومشوقة ها هي قد بدأت.

[email protected]